الحرب في أفغانستان مضيعة للمال

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمكن الآن أن يقال إن مدققي الحسابات في الحكومة الأميركية، يقرون أخيراً بأن قوات الأمن الأفغانية لن تكون قادرة على الدفاع عن أفغانستان ضد حركة طالبان، بعد انسحاب القوات الغربية في 2014.

ماذا يعني هذا؟ طالبان، التي أصرت بشكل واضح على العودة إلى السلطة، سوف تستعيد بالتأكيد سيطرتها على معظم البلاد، والجيش الأفغاني الضعيف ربما سيهرب. وهذا ما فعله تقريباً بمجرد انسحاب الاتحاد السوفيتي، الذي كان آخر محتل أجنبي للبلاد.

هل يعني ذلك أن الولايات المتحدة أهدرت مئات المليارات من الدولارات وأرواح ألفي أميركي؟ ليس تماماً. لقد كان الغرض الأصلي من الحرب هو الانتقام من تنظيم القاعدة لشنه هجمات 11 سبتمبر، ومن أجل اعتقال قيادتها أو قتلها وتدمير معسكرات التدريب التابعة لها.

وقد تحقق ذلك، ولكن في وقت قصير انتقل تنظيم القاعدة إلى الدول الأخرى غير المستقرة، مثل باكستان والصومال واليمن وغيرها... والقائمة طويلة. والمخاوف المعلنة من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ وقت طويل، هي أنه عندما ترحل القوات الغربية عن أفغانستان، ربما يعود تنظيم القاعدة. ومن المؤكد أن طالبان سوف ترحب بعودته، وفي رأيي: على الرحب والسعة. سيكون من الأسهل بكثير شن الهجوم عليهم في أفغانستان مما كان عليه في بعض مواقعه الحالية الأخرى، خاصة في باكستان. والآن وقد باتت لتنظيم القاعدة قواعد في جميع أنحاء العالم، فلماذا التمسك بأفغانستان يتسم بالأهمية الشديدة؟

في تقريره ربع السنوي الجديد، قال المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، وهي وكالة فيدرالية تابعة للكونغرس أنشئت عام 2008، إن مراجعي الحسابات لديها وجدوا أن الجيش الأفغاني "من المرجح ألا يكون قادراً على الحفاظ على كافة مرافق قوات الأمن الوطني الأفغانية، بعد المرحلة الانتقالية في 2014".. "فالسجلات الخاصة بالجيش في هذا الصدد محبطة".

وفي فبراير الماضي، نقل الجنود الأميركيون قاعدة تشغيل أمامية تقع في غرب العاصمة الأفغانية كابول، إلى نظرائهم الأفغان. وعندما عادوا في أغسطس، وجدوا ما وصفوه بأنه "مشهد كئيب"؛ فالجنود الأفغان لم يحافظوا على مولّد الطاقة، وانخفض استهلاكهم إلى ثلاث ساعات من الكهرباء يومياً، وتعطلت جميع سياراتهم تقريباً، ولم تكن لديهم مناظير للرؤية الليلية صالحة للعمل، لذلك فقد كانوا عزّلاً إلى حد كبير بمجرد حلول الظلام.

فإذا لم تستطع قوات الأمن الأفغانية الحفاظ على قواعد العمليات الأمامية، فلن يكون بمقدورها الدفاع عن معظم أنحاء البلاد.

ليس من المستغرب، أن وزارة الدفاع الأميركية عرضت تأييد تقرير المفتش العام. وقال جورج ليتل السكرتير الصحافي للبنتاغون: "هناك مشكلات تطفو إلى السطح"، وأضاف: "لكن التزامنا الاستراتيجي لا يزال سليماً".. هذا بيان عسكري مفرط في التفاؤل. هل يمكنكم أن تتخيلوا أن أي ضابط في البنتاغون يقول: هذا أمر ميؤوس منه ولا يمكننا الفوز!

استجابة "أميركا يمكنها القيام به!" للتحدي في أفغانستان "مثيرة للإعجاب"، حسبما ذكرت لجنة الكونغرس المعنية بالتعاقدات وقت الحرب في العراق وأفغانستان. "لكن الموارد البشرية والمالية لها حدود، ونادراً ما يتم أخذ التكاليف على المدى الطويل في الاعتبار عندما يتم تأطير خطط قصيرة الأجل".

حتى مع التجارب غير المشجعة على مدى العقد الماضي، يواصل الكونغرس تخصيص مليارات الدولارات لتحقيق "الاكتفاء" للجيش، من مبانٍ ومعدات للجنود الأفغان الذين هم غير قادرين على الحفاظ عليها، وبلغ مجموع ما تم تخصيصه حتى الآن 9 مليارات دولار. ويقول المفتش العام: "لقد تجاوزت الولايات المتحدة أهدافها في شراء المعدات" للجيش الأفغاني، رغم أن الجيش والشرطة الأفغانيين "ليست لديهما القدرة على تشغيل الحاميات ومراكز التدريب التي بنيت من أجلها".

الأمر المحير للغاية هو أن الكونغرس اعتمد كلا من مكتب المفتش العام ولجنة الكونغرس، ومع ذلك فإن الكونغرس يتجاهل استنتاجاتهم، بما في ذلك الاستنتاج الذي توصل إليه المفوضون، وهو أن إنفاق المال على مشروع "هو إسراف إذا كان لا يتناسب مع المعايير الثقافية والسياسية والاقتصادية للمجتمع الذي تهدف إلى خدمته، أو إذا كان لا يمكن الحفاظ عليه".

 

Email