التمكين.. روح الاتحاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما أن وقعت عيني على شعار احتفالات الدولة "باليوم الوطني" الحادي والأربعين للاتحاد، تحت عنوان "روح الاتحاد"، حتى أخذني التفكير العميق بالمعاني التي ينطوي عليها هذا الشعار..

فعندما تتضح لك الرؤية وتتفتق مداركك لاستيعاب وعي التجربة الأسمى، تلك التجربة التي أبهرت العالم من أقصاه إلى أقصاه، عندئذ تتكشف لك عظمة هذا الشعار، وبالتالي تتوحد مع تجربة اتحاد عظيم أذهلت علماء النفس والاجتماع، لأنها خالفت التوقعات وقلبت موازين العلوم الأنثربولوجية والاجتماعية والسياسية، بكل عنفوان وشموخ، خصوصاً وأنها تأسست على أسس الصدق والإخلاص والمحبة.

لقد كانت نفوس الناس في ذلك الوقت أقرب إلى صفاء السماء وشفافية الماء، كانوا مخلصين تماماً لروح الاتحاد، تلك الروح العظمية التي ألهمت المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وبمساندة من إخوانه الشيوخ حكّام الإمارات، فكرة تأسيس اتحاد الإمارات التي أسعدت الناس جميعاً، من خلال تلاحم شعب الإمارات بجميع أطيافه ومكوناته مع قيادته الرشيدة، ليتحقق المجد العظيم وهو اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لأنهم بهذا الإنجاز الكبير عرفوا معنى الوطن الواحد، وأدركوا حقيقة الوطن الأم، الحاضن للمحبة والخير والإنسان.

إن ما جاء في خطاب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، خلال افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الخامس عشر للمجلس الوطني الاتحادي، والذي سطّر فيه عبارته الخالدة "التمكين روح الاتحاد ورهانه الأكبر"، هو تعبير عن قوة الاتحاد وعظمة الإنجاز الذي تحقق خلال واحد وأربعين عاماً من عمر الدولة، حيث جاءت مرحلة التمكين التي أطلقها صاحب السمو رئيس الدولة في العام 2005، لتجسد رؤية سموه لحاضر الدولة ومستقبلها، وترسّخ لمرحلة جديدة تحقق التنمية المستدامة والمتوازنة، وتضمن حياة كريمة للمواطنين.

لقد اتضحت معالم هذه الرؤية خلال تمكين المرأة وتعزيز حضورها في كافة المجالات، لتشارك في التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة، محققة مكتسبات كبيرة على مدى السنوات الماضية، من خلال تقلدها مناصب قيادية ومشاركتها الفاعلة جنباً إلى جنب مع الرجل، فضلاً عن التمكين السياسي، بتوسيع مشاركة أبناء الشعب الفاعلة والواسعة، وترسيخ مفهوم المشاركة والشراكة الوطنية والمجتمعية، خاصة الشراكة بين القيادة والشعب، وهو الأمر الذي تجسد خلال انتخابات المجلس الوطني الاتحادي الماضية لاختيار نصف أعضائه.

وذلك إضافة إلى مجالات التمكين الأخرى، التي شملت جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تمحورت حول الإنسان، الذي هو الغاية والهدف، فاستدامة التنمية كما هو معروف رهن ببناء الإنسان الذي هو أداتها الأولى وغايتها النهائية.

وما الإشادات الدولية التي تقر وتؤكد بفاعلية الدولة والمراكز المتقدمة التي تبوأتها في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إقليمياً وعربياً ودولياً، إلا دليل على نجاح هذه السياسة الحكيمة، التي أسهمت في رفعة الوطن وتقدمه، وجعلته في مصاف الدول المتقدمة.

وبناءً على ما تقدم، فإن الاحتفالات الكبيرة باليوم الوطني الحادي والأربعين للاتحاد، قد جاءت تتويجا لمرحلة مليئة بالإنجازات العظيمة، التي تحققت على يد صاحب السمو رئيس الدولة بالتعاون مع إخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وبتفاني أبناء الإمارات المخلصين.

وهي في الوقت ذاته فرصة مواتية لتجديد العهد بالوفاء للقيادة الرشيدة، ومناسبة عظيمة أيضا لتعزيز الهوية الوطنية في نفوس أبناء الدولة، وتعميق معاني الولاء والانتماء لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال تنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية والتراثية الخلاقة، التي يتوجب على المؤسسات العامة والخاصة إقامتها بالشكل الذي يليق بالإنجاز الذي وصلت إليه دولة الإمارات في هذا العصر الحديث.

فالاتحاد هو الرهان الأكبر لكل الإمارات والإماراتيين، وعلينا جميعاً المحافظة عليه وتنميته في نفوس الأجيال القادمة.

وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا جميعاً، فإننا نثمّن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي دعا فيها الجميع أفراداً ومؤسسات إلى زراعة "شجرة الاتحاد" والحفاظ عليها ورعايتها، لمناسبة "اليوم الوطني" الحادي والأربعين لقيام دولة الاتحاد المنيعة، لتكون نبض حياة، تربط المشاعر الوطنية في هذا اليوم الأغر، بعمل رمزي يعكس حب الوطن والولاء له.

"روح الاتحاد" شعار يستلهم عمق التجربة الاتحادية، ويؤسس لمرحلة قادمة أكثر عمقاً وإنجازاً.

حفظ الله قائد الوطن وصانع إنجازاته صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكّام الإمارات.. وأدام على دولتنا الحبيبة نعمة الأمن والأمان، وكل عام وإمارات الخير قيادة وحكومة وشعباً، بخير وسلام.

 

Email