إسرائيل .. الطريق رسميا الى الأبارتيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يفرض المشهد الإسرائيلي الوحشي تجاه غزة ذاته على مناخ التفكير بالنسبة لأي كاتب عربي، غير أن حقيقة ما يجري هناك الآن ربما تتجاوز الصورة الأولية لآلة العنف العسكرية الإسرائيلية، إلى إشكالية الحل النهائي المتعلقة بقيام دولة فلسطينية مستقلة. هل جاءت عملية "عمود السحاب" الأخيرة بتدبير وترتيب إسرائيلي جهنمي لقطع الطريق على قيام حكومة أبو مازن بطلب عضوية للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ولو بصفة مراقب تمهيداً لإعلان الدولة على الأرض؟

قبل الجواب ربما يتحتم علينا أن نتساءل ما هي حدود الدولة الإسرائيلية التوراتية في نظر القائمين الحقيقيين على الدولة العبرية؟

يرى إسرائيل شاحاك الكاتب اليهودي الفاضح لأساطير الدولة العبرية، أن الآراء اليهودية المتطرفة تحدد تلك الدولة بأنها أرض فلسطين التاريخية كلها وسيناء والأردن وسوريا ولبنان، بل وأجزاء كبيرة من تركيا، وجميع التفسيرات التلمودية لأرض إسرائيل تشمل قبرص.

يتضح إذن، أن القول بإقرار إسرائيل بفكرة دولة فلسطينية مستقلة، أمر لا يتسق والمنهجية العنصرية الإسرائيلية المرتكزة على منطلقات توراتية، ولهذا فإنها تضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية، سواء في زمن السلم أو الحرب.

هل ما تقوم به إسرائيل في غزة هذه الأيام مقدمة للأسوأ الذي لم يأت بعد؟ الواضح أن ذلك كذلك، فهي تريد الخلاص من غزة وسكانها دفعة واحدة من جهة، وتهيئ العالم لنظام أبارتيد جديد وحيد حول العالم.

الآن يبدو جليا كيف أن آلة القتل الإسرائيلية ممنهجة وفقاً لفكر عدد كبير من الحاخامات، والذين قالوا منذ عام 1973 بأن جميع الأغيار في زمن الحرب الذين ينتمون إلى السكان المعادين، أغيار يمكن قتلهم أو نفيهم.

وبشيء من التفصيل فقد كتب حاخام قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، وهي المنطقة التي تشمل الضفة الغربية، يقول للقيادة "عندما تصادف قواتنا مدنيين خلال الحرب أو أثناء عملية مطاردة أو في غارة من الغارات، وما دام هناك عدم يقين حول ما إذا كان هؤلاء المدنيون غير قادرين على إيذاء قواتنا فيمكن قتلهم، لا بل ينبغي قتلهم، إذ ينبغي عدم الثقة في العربي في أي ظرف من الظروف، حتى وإن أعطى انطباعا بأنه متمدن".

ما هي الخطوة التالية بالضرورة لهذه العنصرية المقيتة؟

في 23/10 المنصرم أظهرت نتائج استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، أجرته مؤسسة ديالوغ المتخصصة في استطلاعات الرأي ونشرته صحيفة هآرتس، أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إقامة نظام فصل عنصري "أبارتيد" في إسرائيل، على غرار النظام الذي حكمت به الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا، في حال فشل حل الدولتين وإقدام إسرائيل على ضم كامل أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية.

الأرقام في حقيقة الحال مفزعة، نشير إلى البعض منها باختصار، فعلى سبيل المثال يذهب 74% من المستطلعة آراؤهم، إلى ضرورة إقامة طرق خاصة تفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية إذا تم ضمها مستقبلا لإسرائيل، بينما أيد 41% منهم ترحيل الفلسطينيين خارج أراضيهم، وأيد 69% حرمانهم من حق الانتخاب في الدولة الواحدة..

وعطفا على ما تقدم فإن ما يتردد في الأوساط العلمية الغربية، وأشار إليه بعض وسائل الإعلام الغربية، يؤكد أن فكر العنصرية وميكانيزمات الأبارتيد لم تعد قاصرة فحسب على الجغرافيا، بل باتت تتصل بالأسلحة الفتاكة التي تستخدمها إسرائيل للقضاء على الفلسطينيين في الحال، وربما بقية العرب في الاستقبال.

فقد كشفت تقارير أخيرة عن مشروع بريطاني إسرائيلي علمي شديد السرية، يسعى لإنتاج قنبلة جينية "عرقية" لقتل العرب دون غيرهم، وأن الأبحاث الطبية الإسرائيلية استطاعت أن تميز جينا معينا يوجد في العرب دون غيرهم، ويتم العمل على هذا المشروع في معهد الأبحاث البيولوجية في "نيس تزيونا"، الذي يعتبر المركز الرئيسي للأبحاث المتعلقة بترسانة إسرائيل السرية من الأسلحة الكيماوية والجرثومية..

هذه القنبلة يمكن أن تنشر فيروسات في الماء أو الهواء لتصل إلى أكبر عدد من البشر، حيث ستؤثر فقط في العرب حين التعرض لها ويمكن أن تتسبب في قتلهم.

هل إسرائيل على هذا النحو دولة راغبة في السلام أو ساعية إليه؟ تبقى صرخة ليفي أشكول غداة حرب الأيام الستة مسموعة في إسرائيل اليوم: حتى متى نعيش على حد السيف؟

الجواب كما قال أحد شعراء إسرائيل المعاصرين ذات مرة، أن نمط التفكير الإسرائيلي منذ قيام الدولة الحديثة في 1948 يعني أن "كل طفل إسرائيلي يولد وفي يده السكين التي سيقتل بها".

 

Email