يا طبيب..لماذا أخطأت في علاج طفلي..؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدخل المريض العيادة و هو يحمل في طياته شحنة غضب على الطبيب المعالج نتيجة حدوث خطأ طبي في تشخيص أو علاج مرض ابنه أو احد أقربائه. ويدخل الجانبان في سجال لكي يبرر كل طرف موقفه.

سيناريو متكرر وسيتكرر في عياداتنا ومستشفياتنا العام منها والخاص.ماالذي يحدث ؟ لماذا الأطباء فقدوا إنسانيتهم؟ لماذا أصبح المريض يعيش في قلق وخوف مستمرين من حدوث المكروه عند زيارة الطبيب وهو الذي يقال عنه بالحكيم منذ قديم الزمن؟ أين الخوف من الله والضمير؟

قبل أن أكمل، لنقف للحظه ونسأل، هل الألم أو الالتهاب الذي حدث هو نتيجة خطأ طبي أو مضاعفات كان متوقع حدوثها؟؟

في عالم الطب هناك فرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات الجانبية التي قد تحدث ولو قام بالعملية امهر جراح في العالم. فالنتائج السلبية قد تكون إما احد الأعراض الجانبية (مضاعفات متوقعة من العلاج) أو بسبب خطأ طبي صادر عن الأشخاص.

فمثلا بعض أعراض الحساسية نتيجة احد العلاجات أو عدم الاستجابة لأحد الأدوية تكون احد الأعراض الجانبية المعروفة لأحد العلاجات وليست بسبب وصف علاج خاطئ للمريض. وهذا ما نطلق عليه بالأعراض الجانبية أو مضاعفات العلاج.

وقد تكون هذه الأعراض الجانبية أو مضاعفات العلاج من الأشياء المعروفة أو المتوقعة ولكن لا يمكن تفاديها أو الاستغناء عن ذلك العلاج المسبب لها لكونه الأفضل أو الوحيد أحيانا. من هذه الأمثلة الألم الذي يستمر لبعض الوقت بعد تبديل مفصل الركبة بمفصل صناعي يكون متوقعا حدوثه قبل العملية ولكن لا يمكن تفاديه.

أما الخطأ الطبي من الناحية الأخرى هو نتيجة غير مرغوب فيها كان من الممكن تفاديها. فتعريف الخطأ الطبي هو " الفشل في إكمال الخطة العلاجية كما يفترض أو اختيار خطة خاطئة لعلاج حالة معينة للوصول إلى الهدف المرجو". لكن كيف يستطيع المريض التفريق بين هذين الأمرين المختلفين تماما؟

إن من أهم عوامل نجاح أي زيارة للطبيب و الحصول على أفضل النتائج هو التواصل الفعال بين الطبيب و المريض. سيقول القارئ ماهذا المصطلح ؟ اكيد تواصلي مع طبيبي فعال.

المقصود بالفعال هو وصول الطبيب و المريض إلى أرضية مشتركة في التفاهم ومعرفة المرض والعلاج. الطبيب ليس بساحر آو اله (استغفر الله). فكونك مريض لديك كل الحق بمعرفة مرضك وسبب المرض (إن وجد) و اختيارات العلاج المتاحة ومعرفة ايجابيات وسلبيات كل خيار.

صحيح إن الطبيب لديه العلم بأنواع الأمراض والعلاجات والفحوصات، لكن التفاهم المشترك بين الطرفين مهم جدا في عملية العلاج. فيجب على الطبيب شرح الحالة ولو بلغة بسيطة لكن بشرط ان يتم التأكد من فهم المريض لحالته. وكذلك يجب على الطبيب شرح العلاج والمضاعفات الممكن حدوثها والتأكد إن المريض قد استوعب تماما هذه الاحتمالية.

فالذي يحد بعض الأحيان إن الطبيب يقوم بشرح التوقعات الممكن حدوثها بعد اخذ الدواء أو العملية ويوافق المريض على الورقة ( لكن في حينها يكون المريض أو أهله في حالة قلق و تأمل بعدم حدوث مكروه والدعاء ,وعدم التركيز الجاد على الذي قيل لهم )، لكن عند حدوث إحدى المضاعفات يستفيق المريض و تبدأ العاطفة تسيطر على العقل و يدخل المريض في دوامة الخطأ الطبي و يوجه أصابع الاتهام للطبيب.

وفي نفس الحين هناك أطباء لايعيرون لموضوع التواصل الفعال الاهتمام المطلوب و لايحصل المريض على الصورة الكاملة عن مرضه واختيارات العلاج المختلفة.

إذا ما الحل؟ هل ندور في حلقة مفرغة كل يتهم الأخر؟ المسؤولية مشتركة بين الطبيب والمريض. فالتواصل الإيجابي الفعال المشترك بين الطرفين هو السبيل للخروج من الدوامة. فأنت يامريض لك كل الحق معرفة المرض والعلاج والإبرة ( عندما تسأل بعض المرضى عن طبيعة الإبرة التي أعطيت له , يقول إبرة الم وخلاص وان الطبيب أدرى). يجب عليك معرفة نوع إبرة الألم أو المضاد, فالثقافة الصحية مهمة جدا جدا و لاتقتصر على فئة الأطباء فقط.

والطبيب عليه مسؤولية الشرح وتبيان جميع التفاصيل على حسب ثقافة المريض و قدرة الفهم لديه. نعم الطبيب لديه طابور مرضى , لكن هذا لايمنع بيان المعلومات بشكل مبسط أو برسومات أو لوحات جاهزة مع إعطاء عناوين بعض المواقع الالكترونية للذين لديهم المجال لدخول الانترنت.

وبالنسبة للخطأ الطبي الذي يحصل نتيجة عدم الانتباه أو غيره من الأسباب فالطبيب إنسان ليس بمعصوم, والخطأ الطبي يحدث في جميع دول العالم , لكن هذا لايبرر الخطأ .

فالاهتمام بالكادر الطبي من جميع النواحي ( المعنوية والمادية والاجتماعية ) سيجعل الطبيب لايفكر في شيء أخر غير تخصصه, ويخلص في عمله ويزيد من تركيزه، و بهذا نقلل وقوع الأخطاء الطبية أقصى مانستطيع .

إذا هناك مضاعفات طبية جانبية و هناك خطأ طبي و شتان مابين الأول و الثاني.

 

Email