زايد في قلوبنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

كتب التاريخ أسماء الشخصيات العظيمة بأحرف من ذهب، شخصيات استطاعت أن تحفر أسماءها بإنجازاتها وحكمتها وبصيرتها وسداد رأيها، ونحن في دولة الإمارات حبانا الله بشخص عظيم، اجتمعت فيه صفات القيادة والبساطة والحكمة وبعد النظر.

إنه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي استطاع تأسيس اتحاد ودولة عصرية، دولة متحضرة وقف لها العالم احتراماً، دولة بات يُضرب بها الوصف والأمثال، فيما وصلت إليه في فترة وجيزة لا تعتبر طويلة بمقياس تطور الحضارة والأمم.

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثامنة لرحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، تمر علينا دون أن تغيب صورته عن قلوبنا التي أحبته في حياته واستمرت في الدعاء له بالرحمة والمغفرة بعد وفاته.

فقد تمكن من تأسيس دولة حديثة بمساعدة إخوانه حكام الإمارات، ارتكزت هذه الدولة على مبدأ الاتحاد، ذلك المبدأ الذي يرمز إلى الوحدة والتعاون والتآخي والمصلحة المشتركة، وأكد ذلك في قوله رحمه الله: "إن طريق المصلحة المشتركة قادنا في النهاية إلى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة".

آمن الشيخ زايد بأن الاتحاد لم يكن لمصلحة فرد على حساب فردٍ آخر، أو أن يكون مجرد رغبة شخصية للوصول إلى سدة الحكم، بل إنَّ إيمانه الكامل انصب على تحقيق مصلحة شعب تربطه لغة واحدة، وتقاليد مشتركة، وأواصر قربى ونسب بين مختلف شرائح المجتمع، فمن أقواله: "

إن الاتحاد ما قام إلا تجسيداً عملياً لرغبات وأماني وتطلعات شعب الإمارات الواحد في بناء مجتمع حر كريم يتمتع بالمنعة والعزة، وبناء مستقبل مشرق وضاح ترفرف فوقه راية العدالة والحق، وليكون رائداً ونواة لوحدة عربية شاملة".

لم يكن الشيخ زايد قائداً وحدوياً فحسب، بل كان ينظر إلى بناء الإنسان باعتباره اللبنة الأساسية لأي مجتمع متحضر، يقول في إحدى المناسبات: "إن الدولة تعطي الأولوية في الاهتمام لبناء الإنسان ورعاية المواطن في كل مكان في الدولة.

وان المواطن الحقيقي هو الثروة الحقيقية على هذه الأرض". وكان رحمه الله يشدد في العديد من المواقف على العلم والثقافة والأخلاق، باعتبارها منظومة لا يمكن التفريط بأحد مكوناتها الأساسية، ومن أقواله: "بدون الأخلاق وبدون حسن السلوك وبدون العلم لا تستطيع الأمم أن تبني أجيالها والقيام بواجبها، وإنما حضارات الأمم بالعلم .

وحسن الخلق والشهامة ومعرفة الماضي والتطلع للحاضر والمستقبل". كما اهتم بالشباب باعتباره احد أعمدة الوطن الأساسية، وكان يحثه دائماً على القيام بدوره في رفعة الوطن: "إننا ننتظر من الشباب ما لم ننتظره من الآخرين ونأمل من هذا الشباب أن يقدم إنجازات كبرى وخدمات عظيمة تجعل هذا الوطن دولة حديثة وبلداً عصرياً يسير في ركب العالم المعاصر".

كان رحمه الله قريباً من الشعب، يؤمن ويؤكد أن القيادة لا يمكن أن تنجح في تحقيق سعادة الشعب إلا بالتعاون والعمل المضني بين الجميع، ولم يكن يعتبر القيادة تشريفا أو سلطة لحاكم على محكوم، بل كان يراها أمانة ثقيلة، ويبرز ذلك من خلال قوله: "إن هذه الأمانة حمل ثقيل وإنني لا أقدر على حملها إلا بتوفيق الله وعون من أخواني المسؤولين والمواطنين جميعاً، فضموا معي أيديكم وقلوبكم وعبئوا معي مشاعركم وإخلاصكم، لنبني بيد واحدة وقلب واحد، مستقبل بلدنا وعزة شعبنا".

لو كتبنا ما كتبنا عن سيرته ومواقفه وأفعاله في شتى المجالات ما كنا لنوفي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حقه من المدح والثناء، إنَّ القلوب والجوارح لا يمكن أن تنساه بعدما عشقته وتعلقت به، تعلقت بالقائد الذي أحب الشعب فبادله الشعب المحبة، القائد الذي استحق بجدارة أن يكون والد الجميع، وأن يلقب بحكيم العرب، لما كان يتسم به من نظرة ثاقبة ورأي سديد في العديد من القضايا والأحداث.

نحن أبناء زايد نعاهد الله في هذه الذكرى على الاستمرار في المسيرة، والعمل بإخلاص، وبذل الغالي والنفيس من أجل هذا الوطن، تجمعنا راية واحدة ننخرط تحت لوائها، لنردد بصوت واحد "كلنا خليفة".

 

Email