أميركا وحربها في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرت الولايات المتحدة في الشهر الماضي بثلاثة معالم رئيسية في حربها في أفغانستان. ففي أواخر سبتمبر الماضي، عاد ال33 ألف جندي إضافي الذين أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بإرسالهم إلى أفغانستان في أواخر عام 2009 إلى الوطن، تاركين 68 ألف جندي هناك كجزء من قوة حلف شمال الاطلسي التي تضم 108 آلاف جندي. وحتى الشهر الماضي أيضا، وصل عدد القتلى من الجنود الأميركيين إلى 2000 قتيل. وشهدت الآونة الأخيرة الذكرى الحادية عشرة لأطول حرب في التاريخ الأميركي. وللأسف، فإن المعلم الوحيد الذي لم تمر به الولايات المتحدة حتى الآن هو القدرة على الإجابة عن السؤال التالي: لماذا بحق السماء ما زلنا هناك؟

ربما يعود ذلك إلى أن أفغانستان، بالإضافة إلى كونها أطول الحروب الأميركية، تنافس على لقب أقل الحروب الأميركية ذكرا. ففي خطاب الرئيس أوباما الإذاعي الأسبوعي، الذي ألقي أخيرا قبل الذكرى السنوية الحادية عشرة للحرب بيوم واحد، لم تذكر كلمة "أفغانستان" ولو مرة واحدة.

ولم نسمعها كذلك خلال خطاب قبول الترشيح الذي ألقاه ميت رومني في المؤتمر الوطني الجمهوري. وفي المناظرة الرئاسية الأولى، التي عقدت أخيرا، ذكرت هذه الكلمة مرة واحدة بالضبط، في سياق تفاخر الرئيس أوباما بمدى استعداده "لأخذ الأفكار من أي كان"، وهي الطريقة التي "سننهي بها الحرب الدائرة في أفغانستان. "

نعم، سوف ننهي الحرب بحلول نهاية 2014. ولكن كم من الجنود الأميركيين سيموتون من الآن حتى ذلك الحين؟ إذا كنا نعرف أننا سنغادر أفغانستان، ولا نعرف لِمَ لم نزل هناك، فإن ذلك يجعل كل وفاة إضافية حتى ذلك الحين تبدو حزينة وقاسية على نحو خاص.

في الوقت الحالي، يقتل جنود القوات الأميركية وقوات التحالف بمعدل يقرب من جندي واحد كل يوم. وذلك يضع ال800 يوم تقريبا المتبقية على موعد انسحابنا الكامل في سياق أكثر مدعاة للأسى. وكان جون كيري قد قال في شبابه لدى عودته من فيتنام: "كيف تطلب من رجل أن يكون آخر رجل يموت بسبب موعد انسحاب حدد بشكل تعسفي وبلا جدوى."

وفيما نستعد لإضافة عامين ونصف العام لحربنا القياسية التي استغرقت 11 عاما، دعنا نلقي نظرة على بعض نتائج عقدها الأول: بالإضافة إلى ال2000 قتيل أميركي، قتل ما يزيد على 1000 من جنود قوات التحالف.

وأصيب أكثر من 17 ألف جندي أميركي. واعتبارا من أكتوبر، فإن عام 2012 يحتل المركز الرابع بين الأعوام الأكثر دموية بالنسبة للقوات الأميركية هناك. وإلى جانب ذلك، فقد قتل ما يقدر ب20 ألف مدني أفغاني.

وتم تشخيص أكثر من 3200 جندي أميركي كمصابين بإصابات دماغ رضية. وماذا عن الجنود الإضافيين؟ لقد قتل ما يقرب من ألف من أولئك الجنود أو توفوا متأثرين بجروح قتالية منذ الإعلان عن زيادة القوات. وعلاوة على ذلك، كما كتب سبنسر أكرمان، فإنه: "وفقا لمعظم المقاييس التي اختارها الجيش - ولكن ليس كلها فإن زيادة القوات في أفغانستان لم تحقق هدفها المعلن: وقف زخم طالبان."

وعلى سبيل المثال، ففي أغسطس 2009، قبيل بدء زيادة القوات، وقع 2700 هجوم ضد القوات الأميركية وتلك المتحالفة معها. وفي أغسطس من العام الجاري، وقع ما يقل قليلا عن 3000 هجوم.

وفي أغسطس 2009، استخدم ما يقرب من 600 قنبلة محلية الصنع ضد القوات الأميركية وتلك المتحالفة معها. وفي أغسطس 2012، وصل عدد تلك القنابل إلى أكثر من 600 قنبلة.

لقد ذكرت الحرب بالكاد في انتخابات بدت بالفعل بلا نهاية. فهل ستذكر في المناظرة الرئاسية المقبلة، حين يفترض بالنقاش أن يكرس للسياسة الخارجية؟ ربما، ولكن يبدو أنه لن يكون هناك نقاش فعلي، على الأقل بخصوص أفغانستان.

وقال رومني في خطاب السياسة الخارجية الذي ألقاه أخيرا في معهد فرجينيا العسكري: "سوف أسعى وراء انتقال حقيقي وناجح للمسؤوليات إلى قوات الأمن الأفغانية بحلول نهاية عام 2014". وكتب زاك بوشامب يقول: "إن هذا هو بالتحديد الموقف الذي تتخذه الإدارة الحالية. ولم تستطع بدائل رومني أن تشير إلى فارق واحد بين أوباما ورومني فيما يتعلق بأكبر حروبنا الدائرة."

ومجددا، لماذا نحن هناك؟ العبارات وطنية ("أروع جيش في العالم") ولغة البنتاغون ("حين يقف جنودهم على أقدامهم، سينسحب جنودنا") كلها عادية، ولكنها في هذه الحالة تعتبر خطيرة بشكل خاص لأنها تعمل على طمس حقيقة ما يجري هناك في الواقع.

ماذا يمكننا أن نفعل؟ كتب روبرت غرينوالد يقول: "إننا، كأميركيين، نستطيع أن نقوم بأكثر من مجرد التعبير عن معارضتنا في استطلاعات الرأي. إذ يمكننا انتخاب المرشحين الذين تعلموا دروسا من العقد الماضي، ولا يسارعون إلى محاولة حل المشكلات الدولية المعقدة بالغزو والاحتلال والطائرات الموجهة عن بعد".

ويتعين علينا أن نتخلص، على أقل تقدير، من شعورنا الجماعي بالرضا عن أطول حروبنا، وأن نرغم قادتنا على أن يفسروا السبب في أنها يجب أن تستمر ولو يوما إضافيا واحدا.

 

Email