فوز أوباما هل هو كابوس لإسرائيل ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا يتهم قطب الإعلام العالمي اليهودي روبرت ميردوخ الرئيس الأميركي اوباما بعدم الود والوفاء لإسرائيل؟ وهل سيؤثر مثل هذا الاتهام على توجهات اللوبي الداعم لدولة إسرائيل داخل أميركا وخارجها ؟

قبل أسبوعين تقريبا كتب ميردوخ في تغريدة له على وسيلة الاتصال الاجتماعي " تويتر" يقول :" إن فوز اوباما سيكون كابوسا بالنسبة إلى إسرائيل ". وامتدت اتهاماته لتشمل نائبه جوزيف بايدن الذي وصفه بأنه " كذب علنا في شأن العلاقات مع رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو .

وكذلك فعل مع سوزان رايس مندوبة أميركا في الأمم المتحدة والتي رأى أنها بدورها كابوس حقيقي لاسيما وأنها مرشحة لحمل حقيبة وزيرة الخارجية الأميركية بعد رحيل هيلاري كلينتون إذا فاز اوباما بولاية ثانية .

تثير تصريحات ميردوخ عدة تساؤلات أولاها هل من موقف واضح لإسرائيل تجاه اوباما ؟ وكيف ينعكس هذا الموقف على اللوبي اليهودي وأصدقاء إسرائيل ؟ ربما ينبغي التذكير أولا بالأسباب التي تجعل لهذا اللوبي حضورا وأهمية غير عاديين في أي عملية انتخابية أميركية.

باختصار غير مخل يبرع هذا اللوبي في العزف على وترين جوهريين :

الأول ديني دوجمائي ويتعلق بالعلاقات الروحية بين شعب إسرائيل في القديم وبين شعب الولايات المتحدة في الحديث فأميركا أمة مهاجرين كما كان بني إسرائيل كذلك ، وعليه فمن تتسق أفعاله مع هذه المفاهيم وينظر لإسرائيل نظرة نبوية رؤيوية يلقى استحسانا ودعما كبيرين .

والثاني براجماتي نفعي يصور إسرائيل للمواطن الأميركي على أساس أنها الحليف الأوثق والألصق الذي لا يتبدل ولا يتغير وليس شأنه كشأن بقية الدول العربية والإسلامية التي تمسي صديقة وتصبح عدوة ويدللون على ذلك بتبعات ما يطلق عليه الربيع العربي .

وقد بدا واضحا وخلال الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية إن تيارا واسعا من كبار الممولين الأميركيين الداعمين لإسرائيل مثل الملياردير " شلدون اديلسون " يسعى لإسقاط اوباما وإنجاح رومني فقد كتب الرجل في صحيفة إسرائيل اليوم بتاريخ 14 أكتوبر انه " في امن إسرائيل لا يمكن الاعتماد على وعود اوباما ، وانه يتوجب على الإسرائيليين أن لا يثقوا في المرشح الديمقراطي ، بل المرشح الجمهوري ميت رومني الذي يحب إسرائيل ويدافع عنها ".

والثابت إن شيلدون لم يتعهد فقط بدفع مئة مليون دولار لإسقاط اوباما في مواجهة رومني بل انه سعى في طريق اخطر عبر التشكيك في ولاء اوباما لإسرائيل انطلاقا من نوعية أصدقائه أمثال المتطرفين على حد وصفه- المعادين لإسرائيل رشيد الخالدي ، فرانك مارشل ديفس ، جيريمي رايت ، أو المرحوم ادوارد سعيد أستاذ الجامعة المعادي لإسرائيل اللاذع الذي تعلم اوباما على يديه .

كذلك يطرح شيلدون علامة استفهام مخيفة للكثيرين داخل إسرائيل وانعكاساتها حتمية داخل الولايات المتحدة :" ما هي خطط اوباما لولايته الثانية حينما لا يعود محتاجا إلى الصوت اليهودي ؟

الثابت أن اللوبي الداعم لإسرائيل يروج في الداخل الأميركي خاصة فكرة اوباما غير الصديق الذي أراد أن يحدث تباعدا بين بلاده وإسرائيل منذ بواكير أيامه في البيت الأبيض لاسيما وانه قال في محاضرة له إن الدولة اليهودية يجب أن " تشغل نفسها بتأمل ذاتي بصورة جدية " في شأن مسار السلام ، وانه أشار في خطبته للعالم الإسلامي في عام 2009 إلى مقارنة أخلاقية بين المحرقة واجتثاث الفلسطينيين من أراضيهم .

هل من نتائج فعلية حتى الساعة على الأرض لحملة الجمهوريين المدعومين من قبل قطاع واسع من اللوبي اليهودي هذه المرة والذي تاريخيا كان دائما مساندا للمرشح الديمقراطي ؟

أشار استطلاع للرأي اجري حديثا بالتعاون مع صحيفة كريستيان ساينس مونيتور إلى تقدم نسبة الدعم لصالح الرئيس اوباما بين أوساط اليهود إذ بلغت 59% مقابل 35% لخصمه ، وتأرجح نحو 6% من العينة .

وعند مقارنة النسبة العالية مع النسبة التي حصل عليها اوباما قبل أربع سنوات والتي بلغت 78% من أصوات اليهود يتضح حجم التراجع الكبير في معسكر مؤيديه فالي أين يمضي هذا التراجع ؟

هل تعني تلك النتيجة بالفعل إن فعاليات ذلك اللوبي ستؤثر في نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة ؟

مما لاشك فيه إن حال وضع آراء ميرودخ وشيلدون بجانب دعم رجالات آخرين لرومني كان لهم دور فاعل في حملة بوش الابن من أمثال نائبه ديك تشيني ومستشاره كارل روف يتضح لنا مقدار ما يمكن إن يحيق باوباما من خسائر جراء الترويج بأنه غير صديق لإسرائيل إذ يتركها نهبا لبرنامج إيران النووي من جهة .

وفي مواجهة معسكرات الإسلام السياسي المتصاعد حولها من ناحية أخرى . يتجاوز المشهد وصف اوباما بالسلبية إلى صبغ رومني بايجابية كبيرة جدا فهو عند هولاء لا يفهم وضع إسرائيل الخطير فقط ، بل يحب هذه الدولة أيضا. هل مواهب اوباما الخطابية لم تعد تدعمه في مواجهة تاريخه الإشكالي مع إسرائيل ؟

يمكن ان يكون ذلك كذلك، ولهذا يتقدم رومني مؤخرا بضع نقاط على اوباما والبقية ربما تأتي .

 

Email