رومني والسباق الرئاسي الأمريكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رأيت مؤخرا أمرا مدهشا - خطابا لميت رومني كان فيه مسترخيا وطبيعيا، يلقي نكاتا لم تكن محرجة كثيرا. وبعد الخطاب، تلقى رومني الأسئلة لمدة 20 دقيقة، وأجاب عن كل منها بعناية ودقة. فسألت نفسي من كان ذلك الرجل. فهو حتما ليس ميت رومني نفسه الذي كنت أراه على امتداد العامين الماضيين أو نحو ذلك. هل دخلت أنا بعدا مختلفا؟ في الواقع، نعم: البعد الرابع لأن الخطاب سجل عام 2000. وكان رومني يخاطب نادي الصحافة الوطني بشأن دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في "سولت ليك سيتي"، التي كان قد ترأسها أخيرا.

نعم، كان ذلك هوسي الأولمبي، خلال عطلة نهاية الأسبوع، الذي دفعني إلى متابعة خطب عمرها 12 عاما حول الاستعدادات لدورة ألعاب عام 2002. أو ربما كان الملل. ولكن يجب أن أعترف بأني وجدت الفرق بين رومني عام 2000 ورومني عام 2012 مذهلا.

أوضح رومني كيف أن الألعاب الأولمبية لا تتعلق بالعلامة التجارية والمال فحسب، ولكن بالشخصية كذلك. وأوضح كيف أنه يحب الألعاب الأولمبية لأنها تشكل ترياقا للعالم الذي يراه أبناؤه:

"في كل وسيلة يلمسونها تقريبا، سواء أكانت لعبة إنترنت أو تلفازا، يرون أن الحظ يتم الاحتفاء به على نحو يفوق الإعداد، ويرون أن السهولة تتفوق على العمل الجاد، وأن الإشباع يتفوق على التضحية، وأن العنف يعد أكثر إثارة للاهتمام من العمل الخيري، وأن الفوز يأتي فوق القواعد، أو الاحترام، أو الروح الرياضية، وأن المال، بطبيعة الحال، يأتي فوق كل شيء ".

فما الذي حدث لذلك الرجل؟ كيف استعيض عنه بالمرشح الآلي الغامض المتكلف ذي الابتسامة المزيفة الملصقة على وجهه الذي نراه اليوم؟

لقد جعلني ذلك أتساءل: لماذا غالبا ما يقلل الترشح للرئاسة من شأن المرء؟ ما هو ذلك الشيء في عملية الترشح الذي يحول عمق التفكير والثقة إلى نفاق ويأس وتشاؤم؟ لماذا يفترض أن السبيل الوحيد إلى أعلى منصب هو أدنى السبل الممكنة؟

لدينا 25 مليون شخص عاطل عن العمل كليا أو جزئيا. ونحن على وشك السقوط مجددا في دوامة الركود. وعلاوة على ذلك، فإن أيا من المشكلات التي أدت إلى هذه الأزمة المالية التي تبدو بلا نهاية لم يتم حلها - أو حتى معالجتها معالجة حقيقية. ومع ذلك، فقد انحدرت حملتنا الرئاسية إلى منافسة لا تنتهي لرؤية أي الطرفين يستطيع ضبط الطرف الآخر في أسوأ "زلة لسان".

نعم، لطالما كان تسليط الضوء على زلات لسان الطرف الآخر جزءا من الحملات السياسية، ولكنه يبدو الآن جوهر تلك الحملات. لقد أصبحت الانتخابات أكثر بقليل من توجيه المتحدثين أو الوكلاء للاتهامات والاتهامات المضادة، ومن ثم مطالبة الطرف الآخر بالاعتذارات، ليلي ذلك المزيد من الاتهامات والاتهامات المضادة والإعلانات وإعلانات الرد. والأمر أشبه بخنادق الصفوف الأمامية الجامدة في الحرب العالمية الأولى. حيث تتمترس كل حملة في الخندق، ولا تتحرك الصفوف، وكل يوم، يقذف الطرفان بعضهما البعض بقنابل من الزلات.

وبطبيعة الحال، فإن الزلات الفارغة لا تتكرر غالبا بالدرجة الكافية. وذلك هو الوقت الذي تلجأ الحملات فيه إلى ابتداعها. ففي يناير الماضي، وفقا لوسائل الإعلام، كان الخبر الأهم في العالم أن رومني قال: "أحب أن أكون قادرا على طرد الأشخاص الذين يقدمون لي الخدمات". ولكن كان من الواضح أن ما عناه هو أنه يريد من الشركات - كشركات التأمين التي كان يتحدث عنها - أن تضطر إلى التنافس على عمله من خلال تقديم الخدمات الجيدة.

وليست حملة رومني هي الأخرى قاصرة عن توليد الزلات المصطنعة. ففي يونيو الماضي، استغلت حقيقة أن أوباما يعتقد ان الاقتصاد "على ما يرام." ولكن كان من الواضح أن ما عناه هو أن القطاع الخاص كان يبلي بلاء حسنا بالنسبة إلى القطاع العام، وأن تخفيضات القطاع العام جرت الاقتصاد بأكمله إلى أسفل.

وهو ما يقودنا إلى نهاية الأسبوع الماضي، عندما كاد رومني يتسبب في قطع العلاقات الأميركية البريطانية عندما تساءل بصوت عال عما إذا كانت لندن مستعدة لدورة الالعاب الاولمبية. وبالتأكيد، فقد كان بإمكانه صياغة ذلك التساؤل بمهارة أكبر، ولكن، هل ذهل أي ممن شاهدوا تلك المقابلة عندما قال رومني ذلك؟ إنها إحدى تلك الزلات التي، شأن معظم زلات هذه الايام، لا تدركون أنها زلة إلى أن يقال لكم إنها زلة كبرى من قبل وسائل الإعلام أو إعلانات الهجوم التي تتناولها باعتبارها زلة.

الأمر الذي قد يحدث فرقا حقيقيا هو محاولة إحدى الحملتين إعادة ربط الناخبين بالسباق الذي باتوا مفصولين عنه. ماذا لو أن أحد المرشحين حاول مناشدة الخير فينا بدلا من أسوأ غرائزنا؟ وبما أن الفكرة تتمثل في التواصل مع البشر، فماذا لو قرر المرشحان المخاطرة بالتحدث كالبشر؟ نعم، قد تكون هناك حالات يتم فيها اقتطاع تصريح خارج عن السياق ووضعه في إعلان ما، ولكن، كما تبين لنا، فإن هذا النوع من الامور لا يبدو وكأنه يجدي نفعا.

هناك الكثير مما يمكن الشعور بالغضب إزاءه عندما يتعلق الأمر بالمشكلات الحقيقية التي نواجهها. ولا ينبغي للسباق على أكثر المناصب أهمية أن يكون مهينا إلى هذه الدرجة، سواء بالنسبة للمرشحين أو بالنسبة لنا.

Email