هل تريد واشنطن مزيداً من الهيمنة على العوالم والعواصم العربية؟ أم تتطلع إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ من جديد؟
في نهايات ابريل المنصرم كانت صحيفة لوس انجلوس تايمز الأميركية تميط اللثام عن احدث عمليات وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، والمتعلقة بدفع مئات الضباط من عملاء الاستخبارات السرية إلى الدول الأكثر سخونة في مناطق ما وراء البحار وفي المقدمة منها الشرق الأوسط.
أما صحيفة النيويورك تايمز فقد أشارت بدورها إلى أن الخطة قد صادق عليها بالفعل وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، وتهدف إلى تعزيز دور البنتاجون في جمع المعلومات الاستخبارية وتعيين المزيد من ضباط المخابرات السرية والمحللين حول العالم والتعاون مع الاستخبارات المركزية الأميركية.. ما هو الهدف من هذه الفورة التجسسية الجديدة؟
بحسب ما رشح من معلومات في واشنطن، هو تدريب جواسيس جدد في عمليات تقصي أهداف تعتبر حاليا أولويات مخابراتية في منطقة تنشط فيها القاعدة وتابعوها، ويكثر فيها الحديث عن البرنامج النووي الإيراني، ولذلك كان لابد من تأسيس دائرة دفاع تجسسية جديدة تهدف إلى التجسس على الأسرار المتعلقة بالتهديدات التي تستهدف الأمن القومي الأميركي.
هل على القارئ أن يأخذ هذه التبريرات كمسلمات لا تصد ولا ترد لا سيما وانه إجراء يأتي بعد عقود من التركيز بصورة رئيسة على ما أطلق عليه الحرب ضد الإرهاب في العالم العربي والشرق الأوسط تخصيصا؟
حكما إن هناك ما يلفت النظر في الأمر، ذلك أن أعمال التجسس خارج الحدود الإقليمية الأميركية وبحسب القانون المنظم لأعمال المخابرات الأميركية، منوطة بالاستخبارات المركزية الأميركية ، وربما كانت هذه من المرات القلائل التي يعلن فيها على الملأ عن عمليات تجسس تكلف بها الأجهزة الاستخبارية التابعة لوزارة الدفاع ، ويبلغ عددها نحو ستة عشر جهازا.. ما الذي يمكن للمرء أن يتوقعه في هذا السياق؟
هل المزيد من الحروب في المنطقة عما قريب ، وشاهد ذلك التحركات العسكرية الأميركية في البحر الأحمر والخليج العربي متمثلا في قطع من الغواصات والمدمرات الحربية وحاملات الطائرات ، ما بين إيران وجنوب السودان؟
في أوائل شهر يناير المنصرم اعد " والتر بينكس " تقريرا مهما لم يلتفت إليه كثيرون ونشرته صحيفة الواشنطن بوست تحت عنوان "هل أخذ أوباما إستراتيجية بوش للحرب الاستباقية إلى مستوى آخر؟"
التقرير يناقش الإستراتيجية الجديدة التي اقرها الرئيس الأميركي لمحاربة الإرهاب في العالم ، وعنوانها " تحديات بيئة الأمن العالمي "، ومن بين ما جاء فيها " أن الولايات المتحدة ستواصل نهجها النشط لمواجهة تهديدات القاعدة والجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط وإفريقيا ، من خلال رصد أنشطة التهديدات العالمية غير الحكومية ، والعمل مع الحلفاء والشركاء للسيطرة على المناطق غير الخاضعة للحكم، والقصف المباشر لأخطر الجماعات والأفراد إن لزم الأمر.
عطفا على ذلك يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة لها باع طويل في اللجوء إلى التدخلات العسكرية عندما يكون هناك أي تهديد على الأمن القومي ... هل نحن إزاء بوش آخر ؟
يمكن للمرء حال وضع أبجديات ذلك التقرير مع تصريحات بانيتا بشأن "الجواسيس الجدد" في الشرق الأوسط أن يلحظ وبوضوح كامل أوجه الشبه بين النهج الذي اتبعه بوش وبين إستراتيجية اوباما الحالية، والتي لم تتغير رغم تغير الحزب الحاكم ، وان كان الذي يهمنا التبعات والاستحقاقات السلبية التي ستحل بالمنطقة الشرق أوسطية من جراء الاسوأ الذي لم يأت بعد.
هل تتجسس واشنطن على العرب فقط؟
مؤخرا أفردت مجلة "ويرد الأميركية" تقريرا مطولا حول اكبر مركز تجسس أميركي على العالم برمته يجري حاليا الإعداد له في منطقة جبال ولاية "يوتاه" في الغرب الأميركي ، كفرع لوكالة الأمن القومي NSA وهي من السرية والغموض لدرجة ان البعض يتندر بان أحرفها الأولى تشير إلى معنى آخر NO SUCH AGENCY أي انه لا توجد مثل تلك الوكالة .
وافتتاح هذا المركز سيتم العام القادم، والتكلفة الأولية المعلن عنها 2 مليار دولار بخلاف ما هو سري، وحجم المبنى الذي يحتويه خمسة أضعاف حجم مبنى الكونجرس الأميركي "الكابيتول".. ما هي مهمة تلك الشبكة؟
واشنطن في عهد اوباما، لم تتخل عن حلم المحافظين الجدد، أي جعل القرن الحادي والعشرين أميركيا بامتياز، والفرق أن اوباما يعمل سرا وبوش نادى جهرا.
في موسوعته الخالدة "مدينة الله" يقول اوغسطينوس الفيلسوف والقديس "عندما تغيب العدالة تضحى الإمبراطوريات ممالك للصوص"..أين العدالة من واشنطن على الصعيد العالمي اليوم؟