«أوباما كير » ليس سوى البداية

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المؤكد أن نجاة "قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة" في اللحظة الأخيرة كانت مدعاة للاحتفاء. ولكن مع تلاشي مظاهر البهجة، يبقى من الضروري أن ندرك أن تفادينا لما كان من شأنه أن يشكل خطوة هائلة الى الوراء لا يعني اتخاذنا خطوة هائلة إلى الأمام. لأن القانون في شكله الحالي ليس إلا خطوة أولى نحو إصلاح نظام الرعاية الصحية.

ومنذ أيام قليلة، أوضحت فيكي كيندي (أرملة تيد كيندي)، وبشكل مؤثر، كيف كان إصلاح نظام الرعاية الصحية "قضية حياة زوجها".

حيث قالت: "كان يعتقد أن المسألة مسألة أخلاقية، وأنها تحدد هويتنا كمجتمع، وكدولة، وأن الرعاية الصحية اللائقة وعالية الجودة ومعقولة الأسعار ينبغي أن تكون حقا أساسيا، لا امتيازا. "

وأردفت قائلة: "تستطيع العائلات أن تخلد للنوم مطمئنة وسعيدة، مدركة أن التأمين يغطي أبناءها الذين يعانون من مرض الربو أو السكري أو الحساسية، ولا يستثنيهم لأنهم يعانون من حالات موجودة مسبقا."

إلا أننا، في الواقع، لم نزل بعيدين عن ذلك الوصف الوردي. فبصرف النظر عن مشكلات التطبيق، وعما إذا كانت هذه الولاية أو ذلك الحاكم سيهيئ التبادلات المطلوبة بحلول عام 2014 أو يقبل المال لتوسيع نطاق برنامج "ميديك إيد".

فإن القانون يوسع عموما نظاما معيبا ليشمل عددا أكبر من الناس. وفي حين أن هذه الخطوة تمثل حتما خطوة أولى جيدة جدا نظرا لأن ترك 50 مليون شخص بلا تأمين ينم عن غياب الضمير فإننا نحتاج إلى العمل بسرعة على تحسينه.

وكتب يوجين روبنسون يقول: "ما كاد يغيب عن التعليق على القرار هو أن قانون الرعاية بأسعار معقولة قصد به أن يكون مجرد بداية".

وتتمثل إحدى أهم الخطوات المقبلة لمواصلة هذا التطور في الحاجة إلى التركيز على احتواء التكاليف والوقاية، اللذين لا يعالج القانون أيا منهما بشكل كاف.

وكتب الدكتور مارسيا آنجيل من كلية الطب بجامعة هارفارد يقول: "مع أو بدون (أوباما كير)، سيستمر النظام الصحي الأميركي في الانهيار، بشكل سريع إذا انتخب رومني، وببطء إذا أعيد انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما". وذلك لأن القانون لا يعكس في الواقع التوجه غير المستدام والمتمثل في تكاليف الرعاية الصحية الباهظة.

وكما قال أحد أعضاء لوبي الرعاية الصحية، فإن القانون لو خفض أرباح هذه الصناعة، فإن أصحابها سيرفعون الأقساط فحسب، وهو أمر لا يحظره القانون الجديد. وحين يحدث ذلك، سيعمد المزيد والمزيد من الناس إلى الخروج من النظام، مفضلين دفع الغرامة الضئيلة - عذرا يا رئيس المحكمة العليا روبرتس، فما قصدته هو الضريبة- وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الأقساط بدرجة أكبر، والحلقة المفرغة ستستمر، وإن كان ذلك سيحدث بصورة أبطأ قليلا من ذي قبل.

عارض أوباما المرشح آنذاك استبعاد الشرط الأخير من مشروع قانون الجزء "دي" من برنامج "ميديكير"، قائلا: "ذلك مثال على اللعبة القديمة نفسها التي تتم ممارستها في واشنطن. أتعلمون أمرا؟ إنني لا أريد أن أتعلم كيف أمارس اللعبة بشكل أفضل. ولكنني أريد أن أضع حدا لها". ومن الواضح أنه لم يفعل ذلك.

ووراء المشكلات المستمرة والمتعلقة بكيفية تغطية العلاج عند إصابة الأميركيين بالمرض تكمن المشكلة المتصاعدة التي تأتي قبل ذلك بخطوة واحدة: التعامل مع الجهود المبذولة لمنع الأميركيين من الإصابة بالمرض في المقام الأول.

وبالنظر إلى منحى السمنة والسكري الحالي، والعدد الذي لا حصر له من المشكلات الطبية المرتبطة به، فإن التركيز على التغطية لا يكفي. ولا يمكن لأي خطة لا تعالج الرعاية الوقائية بقوة أن تتضمن تكاليف تكفي لأن تجعلها مستدامة.

وكتب روس هاموند من مركز الديناميات والسياسة الاجتماعية يقول: "لعل التحدي الأكثر إلحاحا بين تحديات الصحة العامة التي تواجهها الولايات المتحدة اليوم يتمثل في وباء البدانة، الذي يرتبط بمجموعة من العواقب الصحية المكلفة والمنهكة."

ومنذ عام 1960، ارتفعت معدلات البدانة بما يقرب من 35%. وبالنظر إلى الأطفال وحدهم، الذين يعاني ما يقرب من ثلثهم من السمنة أو زيادة الوزن، فإن البدانة ترتبط بما يزيد على 14 مليار دولار من الإنفاق الطبي المباشر. وبشكل عام، فإن أكثر من 20% من التكاليف الطبية الأميركية تعزى الآن بطريقة ما إلى البدانة.

وردا على حكم المحكمة الأميركية العليا، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما: "مع حكم اليوم، حان الوقت لأن نمضي قدما لنطبق هذا القانون ونحسنه، حيثما لزم الأمر". وتشير عبارة "حيثما لزم الأمر" إلى أن المسألة مسألة تعديل بعض الأمور هنا وهناك.

ولكن الأمر لا يتعلق بالتعديلات. فنحن بحاجة الى مواصلة التفكير بطموح. ومن بين العديد من الجوانب الهامة لتمرير القانون كان إلغاء الفكرة القائلة إنه ليس هناك من شيء يمكن فعله. في الواقع، لقد تم فعل شيء، ولكن لم تزل هناك حاجة للقيام بأكثر من ذلك بكثير، لا سيما في مجال الرعاية الوقائية.

 

Email