هل تعد إسرائيل فعلاً وقولاً بوابة المرور الرئيسية للبيت الأبيض؟

يبدو أن هذا واقع حال، وعلى غير المصدق أن ينظر بعين الموضوعية إلى ما جرى في الأيام القليلة الماضية، من سباق بين المرشحين للرئاسة الأميركية القادمة 2012، باراك أوباما عن الحزب الديمقراطي وميت رومني عن الجمهوريين.

ضمن زياراته الترويجية لمشروعه الانتخابي، كان رومني يحط الرحال في إسرائيل، وهناك بدا وكأنه واجب عليه أن يغازل يهود أميركا وبقية جماعات الضغط الداعمة لدولة إسرائيل، وفي مقدمتهم اللوبي اليهومسيحي المخترق فكرياً ولاهوتياً.

على رأس الغزل غير العفيف، يأتي حديث رومني عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للدولة العبرية، وهو الأمر الذي لم يقدم عليه أي رئيس أميركي سابق.

 بل إن رومني وحتى قبل وصوله إسرائيل، كان يلعب على أوتار المخاوف الإقليمية الإسرائيلية، فقد صرح لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، بأنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال إسقاط الخيار العسكري في المسألة الإيرانية.

هل كان لأوباما أن يترك الساحة الإسرائيلية خلواً لرومني؟ حتماً ليس له أن يفعل ذلك، بل أن يزايد عليه من خلال وجوده على رأس السلطة التنفيذية الأميركية، ولهذا وجدناه بتاريخ 27 يوليو المنصرم، يوقع قانوناً حول توسيع العلاقات العسكرية بين واشنطن وتل أبيب، والملفت أن توقيع ذلك القانون جاء قبل يوم واحد من زيارة رومني.

كان عربون ذلك القانون مبلغ 70 مليون دولار دعماً أميركياً صافياً يتحمله دافع الضرائب الأميركي، لتعزيز الإنفاق على مشروع نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم "القبة الحديدية".. هل لهذا القانون الجديد أهمية خاصة على صعيد العلاقات بين البلدين؟

الأمر على هذا النحو بالفعل، وهذا ما أكده المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، "رون بن يشاي" الذي ذهب إلى القول "إن توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما على قانون تعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل، يعد علامة فارقة في التعاون بين البلدين، وليس مجرد مناورة انتخابية ضمن التنافس على الأصوات اليهودية بين أوباما ورومني، وإن كان التوقيت ليس خالياً من هذه الاعتبارات".

ماذا عن التحول النوعي العسكري في هذا القانون من قبل أوباما تجاه تل أبيب؟ ينص القانون الذي صادق عليه أوباما بعد تشريعه في مجلسي الشيوخ والنواب، على منح إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين، إمكانية الحصول على طائرات أميركية من طراز KC-135 القادرة على تزويد المقاتلات بالوقود جواً..

ماذا يعني ذلك؟ في زمن إدارة بوش الابن والسنوات الماضية لأوباما، كان هناك رفض واضح لهذا الاتجاه، وذلك للحيلولة دون قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، أما الآن وبعد قانون أوباما فيمكن لإسرائيل حال عزمها قصف إيران، أن تزود العشرات من مقاتلاتها الجوية من طراز "سوفا F61I"، "راعام F51I" بالوقود في الجو، أي أن أوباما لم ينتظر وعود رومني لتل أبيب تجاه منع الخطر الإيراني، وأقدم بالفعل على ترجمة الوعود إلى واقع عملي على الأرض.

لماذا إسرائيل بوابة الولوج للمرة الأولى أو البقاء لولاية ثانية إلى أو في البيت الأبيض؟

كثيراً ما جرى الحبر على الورق مفككاً ومحللاً ميكانيزمات الأداء الصهيوني داخل الولايات المتحدة، سواء عبر العلاقات ذات المسحة الإيمانية التوراتية أو لجهة تلك المتعلقة بالمصالح البراغماتية، كون إسرائيل شكلت طوال الحرب الباردة، قاعدة ورأس حربة للإمبريالية الغربية، وعملت كأفضل حاملة طائرات أميركية دون أن يوجد عليها جندي أميركي واحد.

لكن في انتخابات 2012 يبدو أن هناك بعداً جديداً يفرض نفسه على سياقات أحداثها، ويتمثل في انعكاسات ما سمي الربيع العربي، على العلاقات الأميركية الإسرائيلية، حيث يجمع كثير من الباحثين المحققين، على أن حكومة نتانياهو استطاعت تعزيز مكانتها في واشنطن بشكل غير مسبوق.

انطلاقاً من كون إسرائيل الحليف الأوثق والألصق الذي لا يتبدل ولا يتغير بتغير الأنظمة الحاكمة، كما جرى في المنطقة العربية، التي كان بعض من زعمائها أصدقاء خلصاً لواشنطن، واليوم وجد مكانهم حكام يخشى الكثيرون أن ينقلبوا على ساكن البيت الأبيض، أو يعملوا في اتجاه مغاير للمصالح الاستراتيجية الأميركية.

يعرف الداعمون لإسرائيل كيف يحققون أبعد فائدة من خلال تقسيم الأدوار، حتى بين المرشحين للرئاسة. فحملة رومني ربما لا يعوزها المال، غير أن رومني بمجرد أن غادر إسرائيل تم الإعلان عن أن الزيارة كان وراءها الملياردير الأميركي "شلدون أديلسون"، والذي يريد إسقاط الرئيس أوباما، والرجل يعد من قوى اليمين الراديكالي بين يهود الولايات المتحدة.

وهناك ممولون يهود آخرون يقفون بجانب أوباما في واشنطن، على أمل أن يجمع ذات التبرعات التي جمعها في حملته 2012، ومن يخدم إسرائيل أكثر تحشد له الجهود الانتخابية.