الفرص في متناول أيدينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بصرف النظر عن مكاننا من الطيف السياسي، أو الدور الذي نعتقد أنه منوط بالحكومة، فإن معظمنا يتفق على أن ثمة شيئا مكسورا في أميركا، إذ يواجه أحد الأشياء التي تحدد هوية بلادنا - الحلم الأميركي - خطرا حقيقيا.

وكما كتب جون ميتشام الشهر الماضي، فإن "الإيمان الراسخ بأن أولئك الذين يعملون بجد ويلتزمون بقواعد اللعبة سيكافأون بحاضر أكثر رغدا ومستقبل أقوى لأبنائهم، يتعرض للهجوم من كل جانب". وتمثل أزمة الوظائف الجارية تجسيدا لتأجيل الحلم الأميركي.

ورغم كون أكثر من 20 مليون أميركي عاطلين عن العمل كليا أو جزئيا في الوقت الحالي، فإن 3,4 ملايين وظيفة متاحة تبقى شاغرة، لأن الباحثين عن عمل يفتقرون إلى المهارات اللازمة.

وفي حين أننا لا نستطيع إنكار التأثيرات البشرية المدمرة لهذين الرقمين، فإن هناك خطرا حقيقيا يتمثل في أننا من خلال التركيز على ما لا يجدي نفعا، نفوت فرصة تسليط الضوء على ما يجدي، بما في ذلك الفرص المتاحة، وفوائض الإبداع والبراعة والتعاطف، التي يمكن أن تصب في مجال إيجاد فرص عمل.

وهذا هو الاعتقاد الذي يكمن وراء قسم الوظائف الجديد الذي أنشأه موقع "هفبوست"، تحت عنوان "الفرصة: ما يجدي نفعا". وقد قال لي المؤرخ ديفيد مكولوغ عام 1999: "كل انتخاب رئاسي يشكل تجديدا. فهو، شأن فصل الربيع، يجلب جميع أنواع النسغ".

ومن هذا المنطلق، فإننا سنجدد تركيزنا الوطني على ما يجدي نفعا، عوضا عما هو مكسور، وذلك باستخدام مؤتمر الحزب الوطني لتسليط الضوء على الحلول.

ونحن نخطط حتما لاستخدام حدثين حزبيين، وهما مؤتمر الحزب الجمهوري في تامبا بولاية فلوريدا، ومؤتمر الحزب الديمقراطي في شارلوت بولاية نورث كارولاينا، كمنصتين قويتين لاستعراض ما ينبغي أن يشكل في الأساس قضية حزبين: ما يمكن للشعب القيام به لتسريع إيجاد فرص العمل وشغل الوظائف الشاغرة.

وكما قال والتر إيزاكسون في مهرجان "أسبن" للأفكار، فإن كلمة "مهرجان" مشتقة من كلمة "وليمة"، والوليمة "يمكن أن تجمع قبائل مختلفة، تحاربت مرات عديدة، معا" و"عندما تجتمع تلك القبائل، تدرك أنها تتقاسم أفكارا وقيما معينة".

ويمكن للأمر ذاته أن ينطبق على المؤتمرات الوطنية، إذ أنها، مع وجود 15000 وسيلة إعلام معتمدة في كل منها، تمثل فرصة لا مثيل لها لتجاوز العقلية القبلية التي غالبا ما تمنعنا من إدراك قيمنا المشتركة والبناء عليها. ففي نهاية المطاف، ليس هناك شيء يساري أو يميني في ما يتعلق برعاية الملايين من الأميركيين الذين يعانون من البطالة، أو أولئك الذين لا يستطيعون العثور على فرص العمل المتاحة لأنهم يفتقرون إلى التدريب اللازم.

لقد دخلنا في شراكة مع مجموعة مذهلة من الشركات والمؤسسات والمعاهد التعليمية، وفي كلا المؤتمرين سنستضيف فعاليات عدة، بما في ذلك معرض للمشاريع الاجتماعية والشركات الصغيرة والأفكار المبتكرة، التي توجد فرص عمل جديدة وتوفر التدريب اللازم للقوى العاملة الأميركية، وحلقة نقاش تسلط الضوء على مبادرات ملموسة لإيجاد فرص عمل، فضلا عن أفكار قوية لتنمية فرص العمل في المستقبل.

وكما قال فاعل الخير المعروف راي تشامبرز، فإننا "سنلتزم بحض كل من في القطاع الخاص، بدءا من الشركات ووصولا إلى الأفراد، على محاولة استخدام أفكار خلاقة وجديدة لمساعدة الآخرين على الارتباط بفرصة اقتصادية ما".

وقال جيف وينر الرئيس التنفيذي لموقع "لينكد إن": "إننا نملك كل ما نحتاجه لردم الهوة بين المواهب والفرص، والحلول في متناول أيدينا، ولكن هناك الكثير مما يتعين القيام به. فأساليبنا التناظرية القديمة في إعداد القوى العاملة لوظائف القرن الحادي والعشرين، هي التي أدت بنا إلى هذه الأزمة. والتكنولوجيا الرقمية الجديدة والأساليب الإبداعية هي التي ستخرجنا منها.. والآن هو الوقت المناسب".

لقد أسعدني الإعلان عن مبادرة الوظائف هذه، خلال محادثة خضتها مع والتر إيزاكسون في مهرجان "أسبن" للأفكار في الشهر الماضي. فهو، بصفته كاتب السير الذاتية الخاصة بكل من بنجامين فرانكلين، وألبرت أينشتاين، وستيف جوبز، يمتاز بفهم عميق للصفات التي تصنع التحول الحقيقي. وكما قال أينشتاين، فإن "الخيال أهم من المعرفة".

وفي زمن الأزمة هذا، هناك حاجة ملحة إلى أسر قلوب الناس، وليس عقولهم فحسب. ويمكن لأغنية بروس سبرينغستين الأخيرة "إننا نرعى بعضنا البعض"، أن تكون أغنية مناسبة لموضوعنا، فهي تشكل دعوة عميقة إلى العمل بالنسبة لنا جميعا.

صحيح أن ما يزيد على 20 مليون أميركي يعانون من البطالة الكاملة أو الجزئية، ولكن من الصحيح أيضا أننا نملك قدرا مذهلا وغير مستغل من الإبداع والبراعة والتعاطف، والمساعدة متوفرة. ولكن من الواضح على نحو متزايد، أننا لا نستطيع الانتظار إلى أن تقوم واشنطن بإرسال الفرسان.

وهذا هو السبب في أننا نعرض حلولا من كل قطاع، ونفتح نقاشا أوسع حول ما يجدي نفعا. ونأمل أننا، معا، سنتصرف بناء على اعتقاد جون غاردنر بأن "الماثل أمامنا فرص مذهلة، متنكرة في هيئة مشكلات غير قابلة للحل".

Email