الأسعار، لماذا المبالغة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المثير للغرابة أنه في الوقت الذي يعاني فيه العالم من أزمات اقتصادية صعبة وغير مستقرة ولا يعرف مصيرها، نجد هنا بيننا من يعيش في كوكب المريخ ولا كأنه يقرأ الصحف أو يشاهد التلفاز. فالكل يعلم بأنه عندما تمر الدول بأزمات اقتصادية يقل بالتالي دخل الفرد وعندما يحدث مثل هذا الأمر تنخفض عادة الأسعار بشكل آلي.

بمعنى أنه عندما يرى البائع بأن سلعته لم تعد رائجة يضطر إلى خفض سعرها. ونحن في دولة الإمارات لسنا في منأى عن مثل هذه الأزمات الاقتصادية التي عمت العالم، وإن كنا في وضع أفضل من الآخرين بكثير. غير أن هناك من العارضين لسلعهم أيا كانت وعلى كافة المستويات فهموا النظرية بالعكس. فبدلا من تخفيض الأسعار يقومون بزيادتها إلى ثلاثة أضعاف!! وهذا ما لم يفهمه أحد بعد.

منذ فترة شرحت إحدى المستمعات على إذاعة وتلفزيون نور دبي مفاجأتها أمام زيادة سعر أحد أطباق المطاعم التي ترتادها من 70 إلى أكثر من 120! وعندما سألت المسؤول رد قائلا: إنها منطقة سياحية! وعندما استفسرت إن كان قد قام بتطوير المطعم رد بأنه قام ببعض التصليحات! وكأن تطوير ذاته يجب أن يدفعها الزبون أيضا.

في نهاية الأمر قررت الزبونة التي رفضت الاستغلال مغادرة المطعم دافعة قيمة قنينة الماء التي لم تطلبها أصلا والتي بلغت سعرا جنونيا (مع قيمة الضريبة المضافة!!) + «البخشيش» الأخلاقي!

إن ظاهرة المبالغة المفرطة في أسعار قوائم المطاعم والمواد المستهلكة وغيرها أصبحت ظاهرة يجب أن تتنبه إليها وزارة الاقتصاد والتجارة والبلديات وهيئات حماية المستهلك ويجب أن تطرح على جدول أعمال المجلس الوطني قبل فوات الأوان. لأنها تعدت الخطوط الحمر.

إن المسألة مسألة مبدأ وحق الآخر. وحرية التجارة لا تعني ترك زمام الأمور على غاربها فتتحول التجارة إلى استغلال بشري تشبه السرقة. هناك نسب للربح معروفة في كل مكان في العالم. ويجب عدم تخطيها. وهناك دول تعطي لنفسها الحق في التدخل في تحديد أسعار الكثير من السلع الاستهلاكية لحماية المستهلك وحقوقه.

صاحب المطعم المذكور أدعى أنها منطقة سياحية. بمعنى أنه أعطى لنفسه الحق بفعل ما يشاء وافتراء ما يشاء! ونحن نود أن نعرف يا ترى من هي السلطة المخولة التي حددت له المناطق السياحية من غيرها في إمارات الدولة؟

هل بإمكانه أن يبرز لنا شهادة صادرة من إحدى السلطات المحلية تشير إلى أن محله يقع في منطقة سياحية ويحق له بالتالي رفع أسعاره إلى 200%؟ أم أنه يعرض تعمدا سمعة الإمارات السياحية للخطر؟ في كلتا الحالتين يجب التحقيق مع مثل هذه المحال التجارية لأنها تخالف بشكل صارخ قوانين ولوائح الدولة وتضر مع مرور الوقت بسمعتها.

وبما أن إمارة دبي وغيرها من الإمارات أصبحت وجهة سياحية عالمية من الدرجة الأولى بفضل مستوى الخدمات المرتفع والدعاية المستمرة، فإن الخوف من أن تنتشر سمعة (الأسعار الجنونية) عن دولة الإمارات لتؤثر سلبا في قدوم السائحين.

في الوقت الذي تتنافس فيه دول العالم على اجتذابهم لأنهم يمثلون في الوقت الحاضر موردا اقتصاديا مهما. لذا يجب وقف مثل هذه التجاوزات الفردية التي بدأت تنتشر في كثير من المطاعم والمحال التجارية المختلفة بدعوى حرية التجارة وتسيء في النهاية إلى دولتنا الحبيبة.

اشتكى لي أحد الأشخاص المواطنين بأنه ذهب يوما لشراء بطارية صغيرة لساعته الرقمية فوجدها بقيمة 65 درهما، فما كان عليه إلا أن أرسل بعد خمس دقائق سائقه الآسيوي فجاء بها بخمس دراهم!! وسبب الفرق في اعتقاده: الغترة والعقال.

نوع آخر من الاحتيال!

لا بد إذن من تدخل السلطات المحلية المختصة بشكل سريع لوضع حد لهذه الظاهرة المبالغ فيها، أو أن نطلب من المستهلكين: المقاطعة....

 

Email