العالم لا يصدق هراء أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال اجتماع الزعماء الأوروبيين مؤخرا، في محاولة لإبعاد الواقع مرة أخرى عن جهاز التنفس الصناعي الخاص بالقارة، أوضحت بلدان من خارج الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد، أنها لن تلعب أي دور في إطالة أمد هذه التمثيلية.

وطلبت قبرص لتوها خطة إنقاذ من جهاز الصراف الآلي الخاص بالاتحاد الأوروبي، منضمة إلى اليونان وايرلندا والبرتغال، وأخيرا إسبانيا. فما المبرر هذه المرة؟ يبدو أن تعرض قبرص الحميم للاقتصاد اليوناني، كان بمثابة حمى "إيبولا" اقتصادية أكثر من كافية.

وبالتالي، فإن كوب شحاذ آخر بدأ في القعقعة في الوقت المناسب لقمة أخرى جمعت قادة أوروبا. فهل ما زالوا يأملون في إيجاد حل لهذه الخيبة؟ هل يجدر بنا أن نفترض أن الحل سيأتي من شخص كان يعيش في الفضاء الخارجي خلال السنوات القليلة الماضية؟ لأن ذلك هو الكائن الوحيد الذي يمكن أن يملك حلا لم يتم تجريبه حتى الآن!

رغم المشكلات التي تواجهها أوروبا، يفضل المناخ الأوروبي ثقافة استحقاق متزايدة، لو كان بوسعكم تصديق ذلك. فعلى سبيل المثال، قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، بأن أرباب العمل - وهذا يعني غالبا دافعي الضرائب، بما أننا نتحدث عن أوروبا الخدمة المدنية الثقيلة هنا - مطالبون بإعطاء العمال عطلة أخرى مدفوعة الأجر، في حال أصيبوا بمرض خلال عطلتهم السنوية التي تمتد من أربعة إلى ستة أسابيع.

يبدو أن وقت المرض ووقت العطلة يمثلان أمرين منفصلين، ويجب أن يبقيا كذلك بأي ثمن، حتى لو كان الاقتصاد الأوروبي على وشك الانقلاب تماما. وذلك لأن أوروبا بأكملها، أصبحت رسميا مجرد نظام دعم لحزم استحقاق الموظفين المدنيين.

وقد ردت دولتان، وهما كندا والصين، على ثقافة الاستحقاق القاتل غير المقيدة هذه، برفض المشاركة في اللعبة.

ويرفض رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، التبرع بأموال دافعي الضرائب الكنديين لصندوق النقد الدولي، نظرا لحجم المبالغ التي يقدمها الصندوق في عمليات الإنقاذ الأوروبية. فلمَ قد يرغب الكنديون، الذين تم مؤخرا رفع سن تقاعدهم من 65 عاما إلى 67 عاما، في تمويل تقاعد الأوروبيين المبكر؟

وعلاوة على ذلك، فإن كندا تواجه عرقلة محتملة ونعتا بـ"النفط القذر" في محاولتها لمنح الأوروبيين فرصة لخفض تكلفة معيشتهم، من خلال شراء نفط الرمال الزيتية من ألبرتا. ويمكن للمرء أن يستنتج أن أوروبا ليست مهتمة إلا بأموال "النفط القذر" الكندية، إذا ما تم غسلها عبر صندوق النقد الدولي.

وقد قالها وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي بوضوح: "إن الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، لم تدعم الولايات المتحدة ماليا عندما عانت من أزمتها في عام 2008. وما نشجع دول منطقة اليورو على القيام به، هو أن تتعامل مع مشكلة جدار الحماية وتمويل البنوك هذه بنفسها. فهذه ليست دولاً فقيرة ... لذا أود أن أقترح باحترام، أن تتقدم إلى الطبق قبل أن تقوم بتمريره للآخرين".

وشأن مواطنيها، فإن هذه الدول ستنتزع بسرعة ما يتم تقديمه لها من مدفوعات رفاهية، من قبل مزود أحمق. وألمانيا، وهي فرد الطاقم السليم الوحيد على متن مركبة "الإفلاس" الفضائية، وحدها، ومحاطة بآكلي السيولة، تواصل التعبير عن خيبة أملها.

وكانت أوروبا تحمل في جعبتها خدعة أخرى للحصول بالحيلة على بعض المال، إذ كانت تنوي لعب ورقة البيئة مرة أخرى، وفرض ضرائب كربون على أي طائرة تقترب بدرجة كافية من أحد المطارات الأوروبية لاستخدام مرافق الحمام. وأرادت أوروبا إعلانا ذاتيا بشأن نفث الكربون من جميع شركات الطيران، بحلول 31 مارس.

ولم تكتف الصين برؤية الموعد النهائي يمر، ولكنها لطفت موقفها بحيث تمكنت من التملص بحنكة دبلوماسية: "شركات الطيران الصينية تجمع على هذا. إننا لن نوفر البيانات"، ذلك ما قاله وي تشنتشونغ، الأمين العام لرابطة النقل الجوي الصينية، مضيفاً: نحن لا نود رؤية موقف "أنت تعرقل طائراتي وأنا أعرقل طائراتك".

لست متأكدة من أنني أرغب في معرفة ما عنته الصين بـ"عرقلة" الطائرات الأوروبية، ولكن وكالة رويترز تقول إن الصين أخرت بالفعل طلبيات طائرات "إيرباص" أوروبية بقيمة 14 مليار دولار، بسبب ضريبة الكربون.

وليس من الواضح لماذا اعتقد القادة الأوروبيون أن الصين ستنضم فجأة إلى الحركة البيئية، طالما أنها كانت معفاة من البداية، تحديدا ليتمكن العالم الأول من تصدير تصنيعه إلى هناك، ولعب دور المنظر الأخلاقي البيئي.

إن أوروبا ترغم أخيرا على الاستلقاء في السرير الذي صنعته لنفسها، وهي على الأرجح ليست على ما يرام. نأمل أنها لن تأخذ أي عطلة للقيام بذلك، وإلا فإن صندوق النقد الدولي سيستلم فواتير مزدوجة.

 

Email