خلي بالك في تويتر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفرزت المتغيرات الحديثة المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي تحديات كبيرة جداً لم نكن نألفها سابقاً في الوطن العربي، إذ بات لهذه المواقع قدرة كبيرة على إحداث التأثير في مجالات الحياة الاجتماعية والرياضية والفنية وغيرها من المجالات، بل إنها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أداة فعالة من أدوات التغيير.

البعض ممن تخلفوا كعادتهم عن الركب استهانوا بقدرة مواقع التواصل الاجتماعي على التغيير، فاعتبروها مجرد مواقع للتسلية والثرثرة والمعاكسات، إلا أن دور هذه المواقع تعاظم وصار تأثيرها في بعض الأحيان أقوى من تأثير القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى التي انزوت بلا طعم أو لون أو رائحة في حضن تلك الأنظمة السياسية المستبدة.

ورغم أن المشارك لا يستطيع كتابة أكثر من 140 حرفاً في التغريدة الواحدة إلا أن تويتر يعتبر ظاهرة باعتباره أحد أكثر مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً في الآونة الأخيرة، تويتر في واقع الأمر يعتبر عالماً مصغراً يمثل كافة أطياف المجتمع من رؤساء وقادة وحكام ووزراء.

التغريدات في تويتر غالباً ما تكون ساخنة صادمة في بعض الأحيان، وباردة هادئة في أحيان أخرى، ويتوقع في تويتر أن تتحرك المياه الراكدة وتثير زوبعة من الردود والتفاعلات بين الأفراد من خلال ردودهم وتفاعلهم مع الأخبار والأحداث التي تحدث في العالم يومياً.

في تويتر نجد أن بعض الرؤساء والحكام وكبار المسؤولين أرادوا أن يكونوا قريبين من الشعوب والجماهير بشكل عام، فكعادته يتبادل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الآراء والأحاديث مع شرائح مختلفة من المجتمع اقليمياً ودولياً، كما يحرص سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على إطلاق المبادرات المتعددة من قلب تويتر، وعلى المستوى الإقليمي يبرز رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي يغرد بالعربية والتركية في آن واحد، وغيرهم الكثير ممن باتوا يشاركون في تويتر بدون أي حواجز.

الخطأ في تويتر ممنوع على المسؤولين وغيرهم من المشاهير ولا يستثنى من هذا بعض العامة في بعض الأحيان، إذ قد يصبح احدهم فجأة حديث المشاركين في تويتر بفعل حدث ما أو لقاء اعلامي أو تصريح غريب، لتبدأ بعدها آلاف التعليقات والردود دون سابق إنذار، كل حزب بما لديهم فرحون، ما بين مؤيد ومتهكم وساخر ومعارض ومتجهم، وما بين هذا وذاك قد تغضب وقد تبتسم وقد تقف حائراً لا تعرف مع أي الاحزاب أنت.

هنا تكون الفرصة سانحة للتعرف على المشاهير عن قرب، قد يكون في بعض الأحيان نعمة وفي أحيان أخرى نقمة، تويتر نجح بامتياز في اكتشاف من يستحق الشهرة ومن كان عبئاً عليها، بل إنك تصادف شخصيات كنت لا تستطيع النظر لها من الهالة والأضواء والشهرة التي تحيط بها، ثم يتبين لك أن البعض ممن تحيط بهم الأضواء إنما هم بداخلهم نقطة سوداء، نقطة حالكة من السواد لا تتناسب مع تلك الهالة والشهرة، وآخرون من المشاهير لم يزدهم التواصل مع المشاركين عن طيب خاطر وحسن خلق إلا تواضعاً واحتراماً ورقياً.

لقد اثبت تويتر بأنه لا يختلف كثيراً عن الوجوه التي نلتقي ونسمع بها في الواقع حتى لو كانت تلك الوجوه مغطاة بأقنعة تمنعنا من التعرف على الوجه الذي تخفيه، فليس بالضرورة ان يكون القناع المستخدم عبارة عن قناع يشبه قناع زورو يغطي وجه رجل شجاع، إنما قد يكون قناعاً قاتم اللون لمريض نفسي يسعى من خلاله إلى إثارة الفتنة والبغضاء وتحقيق مآربه الشخصية بكافة الوسائل والطرق.

البعض من المشاركين لم يتغير ولن يتغير، صامد على ما يؤمن به دون تزييف ولا مبالغة، شخصيته على الواقع انعكاس لشخصيته هنا، والبعض كالحرباء يبدل لون جلده من لون إلى آخر، وصنف آخر مع الخيل يا شقراء، يقعد مع القاعدين ويصلي مع المصلين، وبضع قليل منهم قد يدري ولا يدري، فإن كان يدري فتلك مصيبة وإن كان لا يدري فالمصيبة أعظم.

تويتر تزداد شعبيته وتزيد المشاركات فيه يوماً بعد يوم، صنوف عديدة من البشر تشارك وتكتب وتناقش، فتستطيع معرفة الفعل ورد الفعل وتقيس ردود أفعال الناس، وهو في كل الأحوال أصبح سلاحاً بيد الخير والشر في آن واحد، لذا نصيحة مني إليكم، كل واحد يخلي باله في تويتر.

Email