السباق الجمهوري إلى البيت الأبيض

ت + ت - الحجم الطبيعي

الآن وقد علّق «هيرمان كاين» حملته الانتخابية (وقررتُ تكريمه من خلال تعليق قراءتي لأي شيء آخر يتعلق بجولة ترشيحه ــ وجولة ترويج كتابه)، اقتصر السباق الانتخابي على ثلاثة مرشحين، وهم «نيوت غينغريتش» و«ميت رومني» و«نيوت غينغريتش». عند هذه النقطة، فإن السؤال لا يتعلق كثيراً بما إذا كان غينغريتش يمكنه أن يفوز على رومني (وهو يستطيع).

ولكن بما إذا كان غينغريتش سيغلب غينغريتش. تتسم هذه المهمة بأنها معقدة بسبب حقيقة أنه لا يوجد غينغريتش واحد فقط. إنه هو نفسه مرشح والت وايتماني، فهو يحتفي بنفسه، ويتغنى بنفسه، فهو كبير، ويتضمن حشوداً. فوز «غينغريتش» في المرحلة الأولى من السباق الجمهوري، أي السباق الذي يستبعد «ميت رومني».

لم يكن بالقصة الكأداء التي يصعب تجاوزها، آخذاً في الاعتبار أنه يواجه مرشحاً لم يكن يعلم أن الصين قوة نووية، وهو مرشح لم يكن يعرف أن السفارة الأميركية في إيران قد أغلقت بالفعل، ومرشح لم يكن يعلم أن سن الاقتراع هو 18 سنة. ولم يكن من المتعذر أن يخلو السباق من رومني.

ولم يكن أيضاً من الصعب أن يصبح منافساً حقيقياً بمجرد الوصول إلى وضعية التخلص من رومني. لقد كان واضحاً لبعض الوقت أن الناس لا يرحبون تماماً برومني. فهو يخاطب الأمة بمنطق محاسب، والمحادثات مع محاسبك، مهما كانت ضرورية، فإنها لن تكون أبداً شيئاً تتطلع إليه.

في الوقت نفسه، يشبه «نيوت» العم المجنون الذي تسهر معه لوقت متأخر بعد تناول العشاء لكي تتبادلان أطراف الحديث. فهو مسل، لكنك لن تبدي أبداً موافقة إزاء الخطط الاستثمارية المجنونة التي يجلبها لك. كان رومني دائماً ما يواجه مشكلة في حال ما إذا توحد التصويت لغيره وراء شخص واحد، كما يبدو أنه يحدث مع غينغريتش. ولكن، لحسن الحظ بالنسبة لرومني، فإن الشخص الواحد الذي يتم التوحد خلفه هو نفسه عدة أشخاص.

لقد كان هناك عدة أشخاص من نوعية «غينغريتش» نفسها، فمن الصعب تذكر «غينغريتش» أوائل ومنتصف عقد التسعينات. كان ذلك «غينغريتش»، الذي كان في أول خطاب له كرئيس لمجلس النواب، الذي وصف الرئيس الأميركي الأسبق «فرانكلين روزفلت» بأنه «أعظم رئيس في القرن العشرين»، وقال: «إن الميزانية المتوازنة هي الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. لكنها، في رأيي، لا تنطوي على الاضطرار الأخلاقي لإحكام السيطرة على ما يحدث لأكثر الأميركيين فقراً».

كان ذلك هو غينغريتش رقم 1، صاحب العديد من التكرارات الماضية. ومثل برنامج الويندوز من شركة مايكروسوفت، يزداد تردياً في مستواه مع كل إصدار على التوالي. إنه هو أحدث إصدار من «غينغريتش» الذي يصف قوانين عمالة الأطفال بأنها «غبية حقاً»، وادعى أخيراً بالقول:

«إن الأطفال الفقراء في الأحياء الفقيرة حقاً ليس لديهم عادات للعمل، وليس لديهم ممن حولهم من يعمل». لذلك فهم غير معتادين على الظهور في بداية الأسبوع. وليسوا معتادين على البقاء طوال اليوم. وليست لديهم عادة «أنني أقوم بهذا وتعطيني النقد» إلا إذا كان غير قانوني.

هذا هو غينغريتش الذي اقترح أنه ينبغي أن يتم سجن «كريس دود» و«بارني فرانك» لأنهما «تربحا من البيئة» والذي تسبب في الأزمة المالية، ومع ذلك فهو نفسه الذي حصل على 1.6 مليون دولار من شركة «فريدي ماك»، وهو المبلغ الذي ادعى فيما بعد أنه نظير تقديم المشورة للشركة بوصفه «مؤرخاً».

هذا هو غينغريتش الذي ظهر في أحد الإعلانات في ذلك الوقت مع رئيسة مجلس النواب وقتها «بيلوسي»، يدعو إلى تحرك عاجل بشأن تغير المناخ، لكن هو نفسه الذي قال، أخيراً رداً على سؤال حول ما إذا كان تغير المناخ من صنع الإنسان: «أعتقد أننا لا نعرف».

وربما وصف، بأكثر الأشكال تعلقاً بالذاكرة، خطة بول ريان للميزانية بأنها «راديكالية» وأنها «هندسة اجتماعية يمينية»، ومن ثم فلم يكتف بسرعة التراجع عن وصفه، لكنه قال: «أي إعلان يقتبس مما قلته يوم الأحد هو باطل... لأنني قلت علناً أن هذه الكلمات لم تكن دقيقة ومؤسفة».

لقد تحدى «غينغريتش» الرئيس الأميركي باراك أوباما في سلسلة من المناقشات بأسلوب «لينكولن دوغلاس»، لكن قد يكون الأمر أكثر فائدة، أو على الأقل مسلياً، بالنسبة لغينغريتش لمناقشة جميع غينغريتش الآخرين أولًا. والشرر يتطاير بالتأكيد.

الحكمة التقليدية تفيد أن صعود «غينغريتش» في استطلاعات الرأي قد لا يدوم لأنه لا توجد لديه لعبة أرضية. لكن الخطر الأكبر على قدرته لهزيمة رومني ليست لعبته الأرضية، وإنما لعبة رأسه.

سوف نكتشف الأمر في غضون أربعة أسابيع، عندما يتولى الناخبون الفعليون الأمور من النقاد والمتكهنين. لا بد وأن الأمر مثير للاهتمام، بما أن ذلك هو الوقت الكافي بالنسبة لثلاث أو أربع شخصيات من أمثال «غينغريتش» للظهور.

Email