إن أقل ما توصف به تجربة صندوق خليفة لتطوير المشاريع، هو أنها ناحجة وفريدة، بعد أن امتدت هذه التجربة على مدى السنوات الأربع الماضية باقتدار، وأثمرت عن نتائج مرضية، أسهمت بشكل واضح في مجال تمكين المواطنين من الانخراط في عملية التنمية المستدامة التي تشهدها الدولة، واستطاعت إمارة أبوظبي أن تحقق عبر الصندوق إنجازات فعالة وكبيرة، في مجال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، عن طريق تسهيل الحصول على رأس المال، وتحسين مستوى القوى العاملة المواطنة المؤهلة.

وصندوق خليفة لتطوير المشاريع، ليس فقط خطوة رائدة محفورة في ذاكرة إنجازات الوطن الغالي، بل نظرة ثاقبة تدل على عمق الفكر المستنير للقيادة الحكيمة، والتي باتت تحظى بأهميّة كبيرة، لما تنطوي عليه من مردودات إيجابية تخدم اقتصادنا الوطني، وتتمحور دائماً حول رعاية الإنسان ورفاهيته في إمارات الخير والمحبة، وتصب في مسار تعزيز الإنجازات، والمحافظة على المكتسبات التي تحققت على أرضها الطيبة.

وتمكن صندوق خليفة لتطوير المشاريع، من إعداد شريحة واسعة من المواطنيين الطموحين في أبوظبي، لصقل مهاراتهم وتأهيلهم ليديروا مشروعات نوعية ومبتكرة، تُسهم في رفد الاقتصاد الوطني. وُتعد تجربة الصندوق متميزة وتستحق التعميم في كثير من الدول النامية، أو تلك التي تسعى إلى تحقيق معدلات أعلى في التنمية. ولا شك أن تبني الدول النامية، ولاسيما في العالم العربي، بعضا من ممارسات صندوق خليفة لتطوير المشاريع، سيكون مفيدا لها في تعزيز أداء اقتصادها وتدعيم أسباب الاستقرار فيها.

وبإلقاء نظرة فاحصة ودقيقة على بعض الأرقام والإحصاءات المتعلقة بصندوق خليفة لتطوير المشاريع، نجد أن حجم التمويلات، التي قدّمها الصندوق منذ انطلاقته عام 2007، بلغ نحو 600 مليون درهم، استفاد منها 367 مشروعاً في مختلف القطاعات، وأن أكثر من 90% من هذه المشاريع حقق نجاحا مكنها من الاستمرار ومواصلة الإنتاج، الأمر الذي جعلها الأكثر نجاحا مقارنة بنظيراتها في العديد من دول العالم المتقدمة، حيث نلحظ أن نسبة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الناجحة عالميا تبلغ نحو 60%، فيما تبلغ هذه النسبة 72% في اليابان و47% في كندا ونحو 68% في دول الاتحاد الأوروبي و55% في نيوزلندا وما يقارب 71% في بريطانيا.

إن ما يُعظّم الدور الهام لـصندوق خليفة في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة المقبلة، هو امتداد خدماته المتنوّعة، التمويلية والاستشارية والإدارية، من العاصمة أبوظبي إلى باقي إمارات الدولة، وذلك بعد توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في شهر مارس الماضي، وقرار الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، برفع رأسمال الصندوق من مليار إلى ملياري درهم.

فهذه الزيادة مثّلت نقلة نوعية وكمية في أداء الصندوق، ستمكّنه من المضي قدماً في تقديم الدعم لأكبر عدد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في مختلف إمارات الدولة، وبما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أنه سيلبي طموحات وآمال الكثير من الشباب المواطنين الذين يمتلكون أفكارا ينقصها المال، وسيزيد من فرص العمل للمواطنين، وتحريك عجلة الاقتصاد في الدولة، ويدفع في اتجاه تحولها إلى دولة صناعية منافسة ومصدرة.

ويعتبر صندوق خليفة بحق، نقلة نوعية بامتياز للمواطنيين، فمن المعلوم لدينا أن الكثير من الشباب الإماراتيين يمتلكون الموهبة، لكن تنقصهم في بعض الأحيان الفرصة السانحة للوصول إلى مبتغاهم، فجاء هذا الصندوق ليدعم ويطور من الفكر، حيث من الطبيعي عندما يجد العقل مناخا خصبا للتفكير فإنه يبدع. فالصندوق يساعد المفكرين والمبدعين في تنمية أفكارهم، والتركيز على ما هو جديد ومفيد، ويُسهم كذلك في تطبيق الأفكار التي يمكن أن تكون في يوم من الأيام إحدى الأمنيات للشباب الطموحين، فالصندوق يتبنى هذه الأمنيات ويأخذها بعين الاعتبار، ويقوم بتقديم الدراسات والاســــــــتشارات، من أجل خدمة الشباب الطمــوحين في هذا البلد المعطاء.