ريك بيري وانتخابات الرئاسة الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في منتصف أغسطس، وبعد أن قذف ريك بيري قبعة الـ"كاوبوي" الخاصة به إلى الحلبة، نقل عن مصادر مجهولة في البيت الأبيض ومن معاوني حملة أوباما ـ قولها إنها رحبت بحاكم ولاية تكساس في السباق لأنها افترضت أنه، نظراً لمواقفه المتطرفة، سيكون التغلب عليه أكثر سهولة. وكما قال مراسل رويترز ريك جونسون:

"يقول نشطاء كبار ومسؤولون مقربون من الرئيس الأميركي باراك أوباما من مدينة شيكاغو، إن آراء بيري الاستقطابية تجعله هدفاً أكبر للديمقراطيين في الانتخابات العامة". كما أعرب مساعد سابق في البيت الأبيض مشارك في الحملة الانتخابية، عن أمله في أن يشارك بيري في السباق.

وذلك بالتأكيد نوع من الحكمة التقليدية. ففي نهاية المطاف، يملك بيري أكثر من مجرد نصيبه من المواقف المتطرفة. فنحن نعرف أنه يعتقد أن الضمان الاجتماعي "شبيه بمخطط بونزي غير مشروع"، وأنه "أكذوبة مروعة". ونعرف أنه يعتقد أن استخدام أدوات السياسة النقدية التقليدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، هو "أقرب إلى الخيانة"، وأن رئيس الاحتياطي بن برنانكي سيعامل بطريقة "سيئة للغاية في ولاية تكساس".

ونعرف أنه يعتقد أن التطور مجرد "نظرية في مكان ما"، وأنه يسخر من المخاوف بشأن تغير المناخ، قائلاً إن المناخات "في تغير مستمر منذ أن تشكلت الأرض" (وعندما يسأل عن وقت حدوث ذلك بالضبط، لا يجيب إلا بأن هذا الكوكب "في غاية القدم").

ونعرف أنه حين سئل عن رأيه في عقوبة الإعدام ولجوء ولايته المتكرر لها، أجاب: "أنا لم أجد أي صعوبة في تطبيقها". ونحن ندرك أن هذا يعني أنه في ما يبدو لا يهتم كثيراً لمساهمته في إعدام كاميرون تود ويلينغهام، الذي تشير الأدلة إلى احتمال براءته.

نحن نعرف كل ذلك. لذا، فإن شخصاً له تاريخ كهذا من التصريحات المتطرفة، لا يمكن أن ينتخب رئيساً. والأميركيون ببساطة لن يضعوا مثل ذلك الشخص في البيت الأبيض، حيث سيكون ذلك بمثابة انتخاب شخص قال في يوم من الأيام إن "الهيكل المتدرج لضريبة الدخل أنشئ بالكامل على يد كارل ماركس".

وإنه "لا يملك مبرراً للحصول على عائدات الحكومة"، أو شخص قال إن "الفاشية كانت أساس برنامج ما يسمى بالصفقة الجديدة"، أو شخص ناصر فكرة تحويل "الضمان الاجتماعي" إلى برنامج طوعي.

والذي، بالتأكيد، كان سيؤدي إلى إلغاء برنامج الضمان الاجتماعي الذي نعرفه. ولكننا، في حقيقة الأمر، وضعنا قائل تلك العبارات، وهو الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، في البيت الأبيض. ففي عام 1980، فاز ريغان على سابقه جيمي كارتر بواقع 489 صوتاً انتخابياً، مقابل 49 صوتاً.

وكما ورد في الخطاب الذي ألقاه تيد كيندي في المؤتمر الوطني الديمقراطي، فقد زعم ريغان أيضاً أن "80% من التلوث يأتي من النباتات والأشجار"، وأن "التأمين ضد البطالة عبارة عن خطة لإجازة مسبقة الدفع للحاصلين عليه". إن الحقيقة التي يظهرها انتخاب ريغان.

والدرس الذي يلقنه لأولئك الذين يتبنون الحكمة التقليدية في ما يتعلق باحتمال انتخاب ريك بيري، هو أن الشعب، وخصوصاً في أوقات الخوف وعدم اليقين، لا يصوت دائماً بناء على التأثيرات المنطقية لتصريحات المرشحين على السياسة، وعلى حياتهم الخاصة.

وإذا كان الذين يوجهون حملة أوباما يظنون أن سجل ريك بيري الحافل بـ"وجهات النظر الاستقطابية" سيكون في صالحهم، فقد يستفيقون على حقيقة قاسية، وأميركا هي التي ستتحمل العواقب. وبدلاً من تمني مشاركة بيري في السباق، حري بهم أن يتمنوا أن يتوصل البيت الأبيض إلى طريقة لإيجاد فرص العمل وتنمية الاقتصاد.

ففي الوقت الحالي، يبلغ معدل البطالة 9.1%، أما في نوفمبر 1980 فقد كان 7.5%. وقد تبين أن تاريخ رونالد ريغان الحافل بوجهات النظر الاستقطابية، لم تكن له أهمية كبيرة.

وكما أظهرت معركة سقف الدين الأميركي، فقد أثبت أوباما أنه على الأغلب سيواصل فوزه في منافسة "من هو الشخص الأكثر عقلانية في الغرفة؟". ولكن هذا لا يعني الفوز في الانتخابات، فقد اعتقد معظم الناس أن جيمي كارتر كان أكثر عقلانية من رونالد ريغان أيضاً.

عندما يشعر الناس بالعجز والخوف، فهم يريدون زعيماً يتحدث لغة القوة وإعادة الطمأنينة. ففي النهاية، يطمح جميع الناخبين، بمن فيهم أولئك الذين لا يصوتون بشكل عشوائي، إلى الشيء نفسه، وهو المزيد من فرص العمل واقتصاد قوي. وفي ظل غياب فرص العمل والاقتصاد القوي، فإنهم يريدون على الأقل شخصاً يتحدث بجرأة عن خططه لتغيير الأمور. ولا يتعلق الأمر باليسار أو اليمين أو الوسط، كما لا يتعلق بالذكاء أو المنطقية.

 

Email