جاءت انتخابات المجلس الوطني الاتحادي الأخيرة لتمثل عنوان مرحلة مهمة في تاريخ الإمارات السياسي المعاصر خاصة فيما يتعلق بموضوع المشاركة الشعبية السياسية، فمنذ فترة طويلة وكان مطلب انتخاب أعضاء المجلس الوطني وإصلاح المجلس من خلال إعطائه الغطاء التشريعي الذي يتناسب مع مهامه الأصلية من أبرز الدعوات التي طرحت في هذا المجال.

جاءت انتخابات 2011 لتحمــل أوراقا عديدة وفي ظل ظروف إقليمية وعربية مهمة، وكانت ورقة المرأة من بين تلك الأوراق المهمة التي لازالت دولة الإمارات تراهن عليها كثيراً. فالمرأة كانت هي المتغير الجديد الذي دخل بقوة في انتخابات 2011 حيث شكلت نسبة المرأة من مجموع عدد الهيئات الانتخابية 46%، وهي نسبة كبيرة مقارنة بانتخابات 2006 التي لم تشكل المرأة فيها سوى نسبة 17%.

فيما شهدت انتخابات 2011 نسبة ترشح للمرأة وصلت إلى 18% فيما كانت هذه النسبة في عام 2006 تحوم حول 14%. لذلك فقد كانت المرأة متغيراً هاماً في الانتخابات الأخيرة كان بإمكانها إحداث الفارق في عضوية المجلس الوطني. لكن المرأة ورغم عددها الكبير في الهيئات الانتخابية لم تنجح في إحداث الفرق بل كانت قوة تأثيرها في عام 2011 متساوية مع قوة تأثيرها في عام 2006 .

حيث لم تنجح سوى امرأة واحدة في كلتا التجربتين. هذا الإخفاق إن جاز لنا وصفه هو نتاج طبيعي للبيئة الاجتماعية التي يقوم عليها مجتمع الإمارات والذي كما يبدو لم تنجح في دعم المرأة في تلك الانتخابات. مجتمع الإمارات بناءً على نتائج الانتخابات التي تشير وبوضوح إلى أنه مجتمع مازال محافظاً ومازالت النظرة للمرأة ودورها في الحياة السياسية ليست إيجابية.

صحيح أننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات في مثل هذا المجال لتوثق وتؤكد لنا مثل هذه الفرضيات إلا أننا نستطيع أن نصل إلى مثل هذه النتيجة بناء على قراءة نتيجة الانتخابات الأخيرة، ففوز امرأة واحدة من بين نحو 83 مرشحة وفي ظل الزيادة الواضحة للعنصر النسائي في الهيئات الانتخابية هو دليل واضح بأن المرأة ما زالت لا تتمتع بالحضور المجتمعي في مثل هذا المجال حتى بين قريناتها. وليس هذا الأمر بالغريب علينا في الإمارات.

حيث إن هناك دولا أكثر انفتاحاً من مجتمع الإمارات وأكثر تركيزاً وترويجاً لحقوق المرأة كالكويت مثلاً إلا أننا نجدها أنها لم تتمكن المرأة هناك من الفوز بمقعد لها أثناء الانتخابات التي سُمحت للمرأة بالمشاركة فيها ناخبة ومرشحة. فإخفاق المرأة هو أمر طبيعي لحالة المجتمع الذي لم يتمكن بعد من إضفاء صفة القوة لمكانة المرأة ودورها في الحياة السياسية.

والحق يقال بأنه لولا قناعة القيادة السياسية في دولة الإمارات بأهمية المرأة ودورها في المجتمع لما تمكنت المرأة من الوصول والحصول على مناصب قيادية في العديد من المناحي على مستوى الدولة. فقوة المرأة ومكانتها هي من نتاج قناعة لدى صانع القرار السياسي في الدولة بأهمية دور المرأة بشكل أكبر من قناعة المجتمع بذلك حيث إن الأخير وكما يبدو من نتائج الانتخابات الأخيرة مازال غير مقتنع بدور المرأة بالشكل الذي من المفترض أن تكون عليه.

نعم لقد أخفقت المرأة بسبب المجتمع ولكنها أخفقت أيضاً بسبب غياب أسماء نسائية فاعلة ومؤثرة وصاحبة فكر ودور مجتمعي مهم عن قوائم الهيئات الانتخابية وربما يكون هذا السبب هو أحد الأخطاء الموضوعية التي وقعت فيها اللجنة الوطنية للانتخابات .

والتي من الممكن تلاشيها في الفترات القادمة. فالمجتمع الذي نتحدث عنه محدود في نطاق الهيئات الانتخابية التي لم يزد عددها عن 130 ألف شخص والتي افتقدت الأسماء اللامعة من النساء اللاتي كن يمكن أن يحدثن الفرق لو تواجدن كمرشحات وكناخبات.

إن الدولة تضع على عاتقها مهمة تمكين المرأة في شتى المجالات بما فيها المجال السياسي الذي تحاول الدولة البروز من خلاله كمثل بارز على المستوى العالمي، إلا أن نتيجة الانتخابات أثبتت أن محاولات تمكين المرأة سياسياً لم تؤت نتائجها المرجوة منها، مما يثير تساؤلاً كبيراً عن مسؤولية هذا الإخفاق.