المجلس الوطني الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما قرأناه وما سمعناه من أن عدد المرشحين أو الذين رشحوا أنفسهم لعضوية المجلس الوطني الجديد يقارب خمسمئة مرشح، وهذا العدد ليس بالقليل، وعندي أنه يدل على تنامي الوعي السياسي بين الناس في الإمارات. وأحسن شيء ما يبدو للمراقبين من أن هذا الوعي ليس شعاراتياً مستورداً، وليس متأثراً بما يدور عند الغير في الخارج، وهكذا ينبغي أن يكون.. فالمجتمعات التي تسيّرها الشعارات، تثبت للناس كافة أنها عقيمة وخالية من أية قيمة، ولم تعد تضلل أحداً، حتى السذج والبسطاء أدركوا أنهم كانوا في زيف من أمرهم عندما كانوا يتأثرون بالشعارات..

وأهم ما في أمر الانتخابات والمرشحين، أن النساء ينافسن بعدد وافر من المرشحات، ويقال إن معظمهن، إن لم يكن جميعهن، متعلمات، وفيهن من تعي وتفهم فهماً صحيحاً ما هي مقدمة عليه. وعندي أن مثل هذا التنافس بين الرجل وشقيقته المرأة، ظاهرة حضارية رائعة تضع الإمارات في مصاف المجتمعات التي لا تضع أي قيد يحد من نشاط المرأة في الشأن العام، وبهذا تكون الإمارات قد خطت خطوات جادة في سبيل استكمال كيانها، الذي يميزها بين قريناتها من دول المنطقة، وتجعل العالم يقر لها بالريادة.

بالإضافة إلى أن تشجيع المرأة للانخراط في العمل العام، وتلقي التجربة في المجال السياسي، وبما يطرح في المجالس التشريعية من شؤون تتعلق بالمجتمع الذي تشارك فيه المرأة، هو في واقع الأمر إجراء سليم، إذ ان المرأة هي المربية والصانعة لجيل المستقبل، وما يحمله هذا المستقبل في طياته من تغييرات قد لا تخطر على البال الآن.

وفي ما يتعلق بهيكلية المجلس الجديد، فإنه إذا اعتبرنا أن العدد الكبير الذي تم اختياره للمشاركة في انتخاب الأعضاء المطلوبين للمجلس القادم، خطوة جيدة في سبيل تنفيذ السياسة التدرجية، لكن كان الأفضل أن يوكل إلى هؤلاء انتخاب كل أعضاء المجلس، أي كل العدد الذي يمثل كل إمارة على حدة، ولا يقتصر العدد على النصف اتباعا للسُنّة السابقة، وأرجو أن تكون الدورة القادمة بعد هذه الدورة، على هذه الشاكلة المطلوبة.

كما أني لست مقتنعا بما تم من استبعاد لجمع كبير من الأعضاء السابقين من ترشيح أنفسهم، أو بالأحرى عدم وضع أسمائهم في قائمة المرشحين، فهؤلاء طبقة من الناس تثقفت أو قربت من التثقيف في فهم المشاركة السياسية والعمل الجماعي في المجالس التشريعية، بالإضافة إلى ما كسبته هذه الطبقة من خبرة لا يستهان بها في هذا العمل المهم لحاضر الأمة ومستقبلها، وأعرف شخصيا عددا من هؤلاء كانوا يضارعون في الفهم والإدراك والتجربة، أعضاء في أرقى برلمانات العالم ومجالسه النيابية، ومن بين هؤلاء أناس معتدلون يأخذون مصلحة الوطن والأمة بعين الاعتبار.

كل ما هو مطلوب الآن، هو أن نترصد الأخطاء التي قد تقع ولا شك في خضم أعمال كبيرة كهذا العمل، لكي يتم تجنبها في المستقبل، وعلينا أيضاً أن نعتبر أن كل ما يجري، هو من قبيل التجربة للوصول إلى الأحسن والأفضل، وما لم نخطط لهذا الأفضل والأحسن، فإن عملنا لن يكون مجدياً بالدرجة التي نتوخى منها النفع والفائدة، والنفع والفائدة هما أن يتطور المجلس الوطني، ويصبح مجلسا تشريعيا منتخباً، بعد أن يمر بالتجارب ويحقق التخطيط التدرجي النتائج المرجوة.

 

Email