النووي الإيراني وخطة «لافروف»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بذلت روسيا كثيرا من الجهود من اجل وضع آلية لحل المشاكل حول البرنامج النووي الإيراني من شأنها ألا ترفضها رفضا قاطعا إيران وأيضا السداسي الدولي، خاصة بعد وصول الحوار بينهما إلى طريق مسدود. فقد اقترحت روسيا ما يسمى بـ «خطة لافروف نسبة إلى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي طرح الخطة بداية على الجانب الإيراني، والتي قد تساعد على تفعيل الحوار لاحقا، وجوهر هذه الخطة هو التقدم نحو حل القضية تدريجيا، وفي البداية أبدى الطرف الإيراني عدم اهتمام بخطة لافروف، وقالت طهران أنها ستدرس الأمر ثم تطلع موسكو على رأيها.

وترى موسكو أن كلا من الطرفين، دول الغرب وإيران، يطرحان مطالب مفرطة ومشددة بالدرجة التي لا يمكن قبولها من كلا الطرفان، الأمر الذي جعل الكثيرين يعتقدون بأن كلا الطرفان لا يريدان حل المشاكل، بل ربما يسعيان لتصعيدها بالدرجة التي تحقق مصالح خاصة لكل منهما على حدة، حيث ينتظر الغرب من إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم.

بينما تريد طهران أولا، وقبل كل شيء، رفع كافة العقوبات والاعتراف بحقها في التخصيب. وترى موسكو أن تحقيق هذه المطالب «أمر مستحيل من دون الخطوات المتبادلة الرامية إلى التقارب، وأخشى ما تخشاه روسيا هو استمرار الغرب في فرض المزيد من العقوبات المشددة على طهران، الأمر الذي سيمس مصالح أطراف أخرى كثيرة، على رأسها روسيا.

وتتضمن الخطة الروسية أو «خطة لافروف تسوية المشكلة النووية الإيرانية من خلال قيام إيران والمجتمع الدولي بخطوات متلاحقة نحو تلبية مطالب كل من الطرفين، وقال وزير الخارجية الروسي لافروف إن روسيا ترى أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بخطوة أولى فعالة ومشجعة كبداية، مثل تجميد العقوبات أو تخفيفها ردّا على كل خطوة تقوم بها إيران، ثم تأتي الخطوة المقابلة من الطرف الإيراني، وهكذا خطوة من طرف تليها خطوة من الطرف الآخر، وتدريجيا نصل لحل كافة المشاكل.

وعلى ما يبدو أن روسيا ستأخذ على نفسها مهمة بداية الخطوات هذه، حيث ستكون البداية بتشغيل محطة بوشهر النووية، وهو الأمر الذي تنتظره إيران في أقرب وقت، خاصة وأن المحطة جاهزة للتدشين وبدء العمل، لكن لأسباب غير معروفة يتم تأجيل تدشينها، وطهران تقول ان الجانب الروسي هو الذي يتعمد في كل مرة تأجيل التدشين.

وعلى ما يبدو أن طهران قد درست الأمر جيدا وقررت قبول المبادرة الروسية « خطة لافروف ، وهو ما صرح به الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في منتصف شهر سبتمبر، حيث قال « جمهورية ايران الاسلامية تتخذ موقفا ايجابيا من المبادرة الروسية لحل القضية النووية تدريجيا، خطوة بعد اخرى. وطهران مستعدة لتقديم مقترحاتها حول التعاون في هذا المجال.

الرد القادم من واشنطن على المبادرة الروسية يدعو للتفاؤل، حيث أعلنت رئيسة المكتب الصحافي لوزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان واشنطن ترحب بأي جهود تبذلها موســكو مــن أجــل اقناع طهران بضرورة الوفاء بالتزاماتها في المجال النووي.

كما اكدت نولاند ان موسكو وواشنطن تجريان في الآونة الاخيرة «مباحثات مكثفة حول الملف النووي الايراني. وتابعت قائلة ان المطالب التي وجهتها الولايات المتحدة إلى طهران في المجال النووي «لم تتغير. وفيما يخص احتمال رفع العقوبات المفروضة على طهران، قالت المسؤولة الاميركية ان واشنــطن «تنتظــر خطوات ملموسة من الجانب الإيراني قبل إعادة النظر في موضوع العقوبات.

هذا المناخ يوحي للكثيرين بأن أزمة المشروع النووي الإيراني قد دخلت في مرحلة الحل والانفراج، خاصة وأن الأطراف الرئيسية فيها، موسكو وطهران وواشنطن، أبدوا موافقتهما على البدء في تنفيذ المبادرة الروسية، لكن على ما يبدو أن الأمر ليس بهذه السهولة.

حيث أن هناك من يشكك في التزام طهران بالمبادرة للنهاية، بينما البعض الآخر، خاصة في واشنطن، كما أن البعض يتساءل عن أسباب حماس موسكو المفاجئ لطرح هذه المبادرة الآن بالتحديد، ولماذا لم تطرحها من قبل أثناء اشتعال الأزمات بين طهران والغرب، ويشكك أصحاب هذه التساؤلات في نوايا موسكو من وراء هذه المبادرة.

حيث صرحت مصادر عن اليمين المحافظ في الكونجرس الأميركي، والمناهض لروسيا، بأن موسكو تريد أن تعيد الأمور كلها تدريجيا إلى نقطة البداية، وبعد أن يتنازل الغرب عن كافة العقوبات المفروضة على إيران مقابل بعض الخطوات الإيجابية من الطرف الإيراني، تعود إيران كعادتها للتصعيد من جديد، وتنفذ مخططاتها وأهدافها الغير سلمية من برنامجها النووي.

وهكذا تلعب موسكو وطهران على عامل الزمن، على أمل حدوث متغيرات كبيرة على الساحة السياسية والاقتصادية داخل الولايات المتحدة وفي القارة الأوروبية بسبب تصاعد الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي سوف يغرق واشنطن والأوروبيين تماما في أزماتهم الداخلية ويجعلهم يتغاضون عن البرنامج النووي الإيراني.

Email