رسائل من الحلم الأميركي المتغير

ت + ت - الحجم الطبيعي

موضوع دورة هذه السنة من مؤتمر الجمعية الوطنية للصحافيين السود (الذي تحدثت فيه مؤخرا)، كان "القوة الحالية: التحكم في مصيرك"، وهو موضوع رئيسي تبناه المتحدثون والحاضرون على حد سواء في تلك الفعالية. ومع ذلك، فإن المزاج العام في المؤتمر كان كئيباً.

وكان هذا متوقعاً، فالمؤتمرون ينتمون إلى المجموعة الأكثر تأثراً بمشاكل اقتصادنا المتعثر. ففي حين أن معدل البطالة في أميركا يبلغ 1.9%، فإنه يتجاوز 16% بين الأميركيين الأفارقة، وترتفع هذه النسبة إلى 41% بين الشباب السود اليافعين. وبينما انخفض متوسط ثروات عائلات البيض بنسبة 16% بين 2005 و2009، انخفض لدى الأميركيين الأفارقة بنسبة 53%.

لكن ما استشعرته في المؤتمر، لم يكن غضباً بقدر ما كان شعوراً متفشياً بأن الأمور لن تتحسن عما قريب. فالهوة بين الهموم الحقيقية للناس والسيرك الذي يجري في واشنطن، اتسعت إلى حد قلما شهدناه في هذا البلد. وفي استطلاع حديث للرأي أجرته "يو إس إيه توداي" بالتعاون مع مؤسسة غالوب، قال 24% فقط من الأميركيين إنه تجب إعادة انتخاب معظم أعضاء الكونغرس الحاليين، بينما عبر 47% فقط عن اعتقادهم بأن الرئيس أوباما يستحق فترة رئاسية ثانية.

لقد تباطأ نمو اقتصادنا إلى 3.1% (أدنى بكثير من عتبة 5.2% التي لن تكون أمامنا بدون المحافظة عليها، أي فرصة لخفض معدلات البطالة). وهناك تسع ولايات توشك أن تخفض تعويضات البطالة، وفوق هذا كله يأتي الإعلان عن خفض التصنيف الائتماني لأميركا.

لذلك لا عجب أن يفقد الناس الثقة في قدرة نظامنا السياسي المحطم، على إنتاج حلول لتحسين حياتنا. فواشنطن لا تكترث بالبلد، والمشاعر بدأت الآن تصبح متبادلة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا الآن؟

لعلنا نستطيع البدء في البحث عن الإجابة في أنفسنا. فحتى لو لم نكن قادرين على التحكم في طريقة استجابة الإدارة الأميركية لمشكلاتنا، فإننا نستطيع التحكم في طريقة استجابتنا نحن لتلك المشكلات.

قبل أسبوعين، حضرت دعوة عشاء في واشنطن، بينما كانت مناظرات رفع سقف الديون تتصاعد تدريجياً، وتصل إلى ذروتها. وكان من بين الضيوف مجموعة من المطلعين على بواطن الأمور في واشنطن، ومع اقتراب العشاء من نهايته، لم ألمس في نقاشنا شيئاً يبعث الأمل.

نظرت عبر الطاولة إلى تيم شريفر، رئيس الأولمبياد الخاص، قائلة إن تيم ربما يكون في جعبته ما يغير المزاج العام المتشائم في الجلسة. ولكي لا يخيب ظني، تحول شريفر للحديث عن عمله في الأولمبياد الخاص، وقدرة الناس على التغلب على التحديات الهائلة.

وقال شريفر "أعتقد أن عدداً كبيراً من الزعماء السياسيين استسلم لفكرة أن أميركا لم تعد بلد المثل العليا، بل أصبحت بلد المصالح، وأننا لم نعد بلد التضحيات، بل بلد الأنانية. ولا أعتقد أن هؤلاء يحاولون فعل ما يجب فعله للتواصل مع الناس، وحثهم على القيام بدورهم من أجل مساعدة البلد. وفي حركة الأولمبياد الخاص، أطلب من الناس القيام بأمور كبيرة كل يوم. وأعتقد أننا حينما نطلب من الآخرين تحقيق إنجازات كبيرة، فإننا نفتح بذلك آفاق جانب مهم مليء بالإثارة والحماس من التجربة الإنسانية. وفي حقيقة الأمر فإن هذه هي الروح الإنسانية".

ومع انقطاع الاتصال مع واشنطن، نصبح بحاجة أكثر من أي وقت مضى للتواصل في ما بيننا. ففي أوقات الأزمات والتغيرات الموجعة، يصبح التعاطف مع الآخرين أثمن سمة يمكننا تغذيتها، إذا أردنا فعلاً استعادة التحكم في مصائرنا وفي بلادنا.

 

Email