ماذا على الـ469 مرشحا فعله؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت العملية الانتخابية للمجلس الوطني الاتحادي لعام 2011 بالتوهج والحماس، وسلكت طريق التنافس البرلماني بقوة، من خلال تقدّم 469 من أعضاء الهيئة الانتخابية بترشيح أنفسهم لخوض سباق الفوز بمقعد في المجلس الوطني من أصل أربعين مقعدا، خصص عشرون منها (أي نصف أعضاء المجلس) للترشح عن طريق الانتخاب.

وهم بالتالي ـ أي الأربعون عضوا ـ يمثلون مختلف شرائح المجتمع، كما نص عليه الدستور في المادة رقم 68، والتي ظلت على حالتها دون تعديل رغم الزيادة السكانية، والتي تستدعي زيادة عدد أعضاء المجلس الوطني، ليتناسب مع عدد سكان دولة الإمارات في الوقت الحالي. في ظل هذه المرحلة التي رشح فيها 469 من أعضاء الهيئة الانتخابية أسماءهم لعضوية المجلس الوطني الاتحادي، نريد أن نركز على ما هو مطلوب من هذه الشريحة فعله، للتعرف على مدى قدرتها على خوض غمار الانتخابات.

وبالتالي تمثيل الشعب أفضل تمثيل في حال فوزها بالعضوية، وذلك قبل أن يتخطوا مرحلة الثامن والعشرين من أغسطس، وهي المهلة المحددة للانسحاب والتي حددتها اللجنة الوطنية للانتخابات، ومن ثم الوصول إلى خضم العملية الانتخابية في مرحلتها النهائية.

المطلوب من هذه الفئة فعله الآن، أنه يجب على كل مترشح أن يجلس مع نفسه ويراجعها ويسألها بعض الأسئلة الاستنباطية، ويجيب عليها بكل صدق وأمانة، لأن عضوية المجلس الوطني مسؤولية كبيرة وليست باليسيرة، فهي تتعلق بدولة وشعب ومجتمع.

ومن هذه الأسئلة التي على المترشح أن يسألها لنفسه، على سبيل المثال: ما هو هدفي من الترشح؟ هل لدي المقدرة على خدمة أفراد المجتمع في حال فوزي بالعضوية؟ هل أنا واثق من استطاعتي خوض غمار الانتخابات وتحمل تبعاتها؛ من جهد ووقت ونفقات دعائية وندوات؟ وهل لدي بالفعل استراتيجية عمل منظمة أستطيع من خلالها الإيفاء بمتطلبات المسؤولية التي سأكلف بها في حال حصولي على عضوية المجلس؟ وأخيرا: كيف أنظر إلى عضوية المجلس الوطني؛ هل هي تشريف أم تكليف؟

بعد الإجابة عن ما سبق من أسئلة (بأمانة)، ينظر إلى النتيجة، فإن كانت النتيجة إيجابية، فليبدأ المترشح بالعمل والجهد والمثابرة للفوز بمقعد العضوية، أما إذا كانت (النتيجة) غير ذلك، فمن الأفضل للمترشح أن ينسحب ويفسح المجال لغيره، حفظا لوقته وماله، وتحقيقا للصالح العام، للدولة والمجتمع.

وتجدر الإشارة هنا إلى أننا ـ اليوم ـ نخوض التجربة الثانية للعملية الانتخابية، لانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بعد تجربة عام 2006، والتي لقيت نجاحا كبيرا من حيث الإعداد والتنظيم، وبالتالي لا بد أن تكون هذه التجربة أكثر نضجا بالنسبة للمرشحين وأفراد المجتمع عموما، مع أن قوائم الهيئات الانتخابية في بداية صدورها، أثارت جدلا كبيرا بين أوساط أفراد المجتمع، كونها شملت أسماء لبعض من الأشخاص لا يعرفون شيئا عن ماهية المجلس الوطني الاتحادي، ولا عن دوره في الحياة العامة، لكن لا بأس في أن يتعرفوا اليوم على دوره بعدما أدرجت أسماؤهم في القوائم الانتخابية.

وما يهم في هذا المقام أن يستفيد المترشحون الجدد من تجربة المجلس السابقة، وعليهم أن يستوعبوا كل إيجابيات وسلبيات التشكيل الأخير للمجلس ويتعلموا منها، فنحن نطلب ـ كأفراد مجتمع ـ من أعضاء المجلس القادم أن يكونوا على مستوى الطموح، وأن يبلوروا رغبات وطموحات شعب الإمارات بكل شرائحه وفئاته، إذ أننا من خلال متابعتنا على مدى أربع سنوات من تشكيل المجلس الأخير، لاحظنا أن هناك أسماء لشخصيات دخلت المجلس وخرجت كما دخلت، لم نسمع ولم نقرأ عن أي منجز قاموا به، أو حتى عن أصوات قوية برزت في جلسات النقاش داخل قبة البرلمان، وهذا ما يثير الاستغراب.

ومع أننا تفاءلنا كثيرا بدخول المرأة إلى المجلس الوطني، وتوقعنا أن يكون لها دور كبير في تفعيل دور المجلس في المجتمع وبث روح التجديد والحيوية فيه، كونها تخوض التجربة الأولى لها في المجلس الوطني، وبالتالي يتطلب منها إثبات أحقيتها في العمل البرلماني، ولترد بقوة على المتشككين في قدرتها على العمل النيابي، فضلا عن أن المرأة تمتاز بدافعية أكبر في العمل من ناحية التنظيم والتنسيق والتحمل من الرجل، إلا أننا لم نشهد أو نرَ لها أي عمل مميز يذكره المجتمع أو التاريخ في تلك الفترة الزمنية من عمر المجلس، وهي بالتالي فاقت أكثر الرجال الأعضاء صمتاً، الأمر الذي نرفضه تماما في تشكيلة المجلس الجديد القادم.

أخيرا، ونحن في هذه المرحلة المتقدمة للعملية الانتخابية، نتمنى أن يحالف التوفيق كل الأعضاء القادمين، سواء المنتخبين أو المعينين، ليكون المجلس القادم أكثر حركة وقوة وتفاعلاً مع قضايا الوطن، وتلبية لآمال وطموحات أفراد الشعب الإماراتي.

Email