نهاية شهر العسل بين روسيا وأوكرانيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل انتهي شهر العسل بين موسكو وكييف؟، سؤال يطرحه الكثيرون الآن في ضوء تطور الأحداث بين البلدين، وذلك منذ أن ألغى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في الشهر الماضي زيارته المتوقعة لقاعدة الأسطول الروسي في البحر الأسود التي تقع في مدينة سيفاستوبول الأوكرانية، والتي كان مقررا فيها أن يحتفل ميدفيديف مع بحارة الأسطول الروسي بعيدهم القومي، وآثر الرئيس الروسي الذهاب إلى إحدى القواعد العسكرية الروسية في بحر البلطيق شمالا في هذه المناسبة، وأكدت وزارة الخارجية الروسية أنها أجرت مع نظيرتها الأوكرانية المباحثات المتعلقة بزيارة ميدفيديف إلى سيفاستوبول ولكنها لم تكشف عن الأسباب التي حالت دون قيام ميدفيديف بالزيارة. وزار سيفاستوبول رئيس ديوانه سيرغي ناريشكين.

ورجح مصدر في البرلمان الأوكراني أن يكون دخول طراد أميركي إلى البحر الأسود للمشاركة في تدريبات مع وحدات بحرية أوكرانية هو سبب تراجع الرئيس الروسي عن زيارة أوكرانيا. ومن جهة أخرى رأت مصادر إعلامية أن ميدفيديف ألغى زيارته المقررة بعد أن رفضت السلطات في أوكرانيا توقيع اتفاقية دمج شركتي «غازبروم» الروسية و«نفط غاز» الأوكرانية.

وكانا الرئيسان الروسي ميدفيديف والأوكراني يانوكوفيتش اتفقا في نيسان (أبريل) 2010 على التمديد للأسطول الحربي الروسي في سيفاستوبول لـ25 سنة أخرى، وتخفيض أسعار بيع الغاز الروسي إلى أوكرانيا. ثم اقترح رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين دمج شركة النفط والغاز الأوكرانية وشركة «غازبروم» الروسية التي تدير الصادرات الروسية من الغاز الطبيعي. وقامت السلطات الأوكرانية بدراسة الاقتراح، لكنها رفضته في النهاية، ثم عادت وتقدمت مؤخرا بطلب جديد لتخفيض أسعار الغاز. ولم تسفر المباحثات اللاحقة بهذا الشأن عن نتيجة.

ويرى عدد من الخبراء أن العلاقات الروسية الأوكرانية وصلت إلى طريق مسدود مرة أخرى بعد أن شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة، وجاء لقاء الرئيسين الروسي والأوكراني في منتجع سوتشي الروسي يوم 11 أغسطس الجاري ليعكس وجود مشاكل واضحة بين البلدين، ويشير إلى أن فترة التقارب والاستقرار في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا التي بدأت بوصول يانوكوفيتش إلى الحكم، ربما تكون قد انتهت، أو على وشك الانتهاء. وفي المباحثات بين الرئيسين تصدرت قضية واردات الغاز الروسي لأوكرانيا المواضيع المدرجة على جدول أعمال اللقاء، وذكّر الرئيس الأوكراني في مستهل اللقاء بحضور الصحفيين بأن أوكرانيا تريد أن تخفض روسيا الأسعار التي تبيع بها الغاز، ومن المعروف أن أوكرانيا تستورد جميع احتياجاتها من الطاقة من روسيا، وعبر الرئيس الأوكراني عن غضبه من الموقف الروسي ملمحا إلى إمكانية رفع دعوى قضائية ضد روسيا إذا لم توافق على تخفيض الأسعار.

الرئيس الروسي ميدفيديف لم ينكر وجود العديد من المشاكل بين موسكو وكييف، وقال إن أوكرانيا تمتنع عن الانضمام إلى مسيرة التكامل التي تشارك فيها روسيا، وعلى الأخص الاتحاد الجمركي، وأشار ميدفيديف إلى وجود عوائق تعرقل التعاون في مجال الغاز، وأنه لم يتم حتى الآن إنهاء موضوع الحدود بين البلدين، وانفض اللقاء بين الرئيسين دون التصريح بأي آفاق لحل المشاكل القائمة بين البلدين.

وكانت الحكومة الأوكرانية قد عبرت عن استيائها من الموقف الروسي تجاه الأزمة المتعلقة برئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكا، والتي تحاكم في كييف بتهم فساد بسبب قضية توريد الغاز الروسي لأوكرانيا، حيث بدا وكأن موسكو تدعم موقف يوليا تيموشينكا التي تتزعم المعارضة ضد الرئيس يانكوفيتش، ورغم عدم صدور أية تصريحات في لقاء الرئيسين الروسي والأوكراني حول هذه القضية، إلا أنه يمكن الجزم بأنها كانت أحد المواضيع التي تناولها اللقاء لاسيما وأن الجانب الأوكراني يدعو إلى ضرورة تغيير أسعار الغاز التي حددتها الاتفاقية التي وقعتها تيموشينكو ونظيرها الروسي بوتين، وهي الاتفاقية التي أضرت بمصالح أوكرانيا وفقا لرأي النيابة العامة الأوكرانية التي فتحت الملف الجنائي ضد تيموشينكو.

وفي نفس الوقت ترفض الحكومة الأوكرانية أية ضغوط روسية بهدف حل مشكلة الغاز على أساس انضمام أوكرانيا إلى مسيرة التكامل مع روسيا والتي تتضمن، انضمامها إلى الاتحاد الجمركي ودمج شركة «غازبروم» الروسية التي تدير الصادرات الروسية من الغاز وشركة النفط والغاز الأوكرانية.

وعلى ما يبدو بالفعل أن شهر العسل بين موسكو وكييف قد انتهى، وأن المشاكل بين البلدين لا يمكن تسويتها في المستقبل المنظور، وأن البلدين سينتظران للعام القادم الذي سيشهد انتخابات الرئاسة في روسيا، والتي قد لا تؤثر كثيرا في حل المشاكل، والانتخابات البرلمانية في أوكرانيا، والتي سيسعى فيها يانكوفيتش لإثبات استقلال سياساته عن موسكو بالمزيد من التشدد معها.

خبيرة الطاقة الروسية

Email