خطوة جريئة في الاتجاه الخاطئ

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال السياسي الأميركي المحافظ باري غولدووتر: «التطرف دفاعاً عن الظلم ليس فضيلة». الاتفاق الذي تم التوصل إليه في واشنطن بشأن سقف الديون، يثبت ذلك. إنها خطوة جريئة في الاتجاه الخاطئ.

ومع دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة الحزبين في اتجاه تسريع الأمور، ومع تنفس الشركات في وول ستريت الصعداء، واحتفال وسائل الإعلام بعناوين من قبيل «لقد أنجزوا الاتفاق»، فإن الكثيرين يعتقدون أن هذه الاتفاق قد انتهى أمره. لكن هذا النقاش بدأ لتوه.

فلنفهم ما يعنيه هذا الاتفاق. في الحقيقة فهو لا يتعلق بخفض العجز، إنه يتعلق بمن يدفع فاتورة الديون التي تكدست بسبب الكونغرس، نتيجة حربين غير ممولتين إلى حد كبير، وفاتورة علاج غير ممولة، والفوضى الاقتصادية الناجمة عن التجاوزات في وول ستريت.

بموجب هذا الاتفاق، لن يشارك وول ستريت ولا الأثرياء ولا الشركات الكبرى في تحمل عبء التخلص من الفوضى. ليست هناك أية إيرادات في التخفيضات المقررة في هذا القانون. بدلاً من ذلك، فهو يفرض خفض البرامج التقديرية بنحو 900 مليار دولار، على مدى 10 سنوات. سوف تدفع الأسر العاملة الفاتورة، عبر تخفيضات في دعم المدارس والصحة العامة والنقل والطاقة النظيفة والرعاية الطبية، من خلال برنامج المعونة الطبية.

بعد ذلك يؤدي القانون إلى إنشاء مجموعة متابعة داخل الكونغرس، تتألف من 12 مشرعاً موزعين بين مجلسي النواب والشيوخ، وبين الجمهوريين والديمقراطيين، لتحديد 1.5 تريليون دولار أخرى في شكل تخفيضات على مدى 10 سنوات، من الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية.

وغيرها من الاستحقاقات و/ أو زيادة الإيرادات من خلال سد الثغرات أو زيادة الضرائب. وقد تعهد الجمهوريون بالفعل أنهم سوف يعارضون أي زيادة في الضرائب حتى على أغنى الأميركيين. لذلك فقد تم تحديد نظام الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية لكي يتلقى الضربات، أو أن لجنة يسودها الجمود سوف تدفع بعمق عبر تخفيضات في كل من الإنفاق الدفاعي والمحلي، مع تعرض نظام الرعاية الطبية للمخاطر بشكل خاص.

هذا لا يعبر عن موقف معظم الأميركيين. يريد الأميركيون بشكل معقول السيطرة على عجز الموازنة، لكنهم يريدون حماية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمعونة الطبية. يعتقد معظم الأميركيين أن الشركات الكبرى والأثرياء، عليهم أن يدفعوا المزيد من الضرائب. وينبغي لأولئك الذين تحسنت أحوالهم في أميركا، أن تتحسن أحوالهم مع أميركا.

يبحث معظم الأميركيين عن خطة من شأنها تحفيز الاقتصاد وإعادة الناس إلى سوق العمل. هذه الخطة سوف تخفض الوظائف وتحول دون استغناء الحكومة الفيدرالية عن الاقتصاد. فسوف تزيد عدد الأطفال الذين هم تحت خط الفقر، ولن تفعل شيئاً للعائلات التي تفقد منازلها، وسوف تزيد العاطلين عن العمل.

وبدلاً من قيم معظم الأميركيين، فإن هذا الاتفاق يلبي حاجة فصيل محدود من المشرعين غير المسؤولين بما فيه الكفاية، لجعل الاقتصاد رهينة لفدية لن يكونوا قادرين على الحصول عليها في العملية التشريعية الطبيعية. ويقول زعماء الجمهوريين في مجلس النواب الآن، إنهم يمكنهم تكرار ذلك في كل مرة يتعين رفع سقف الديون.

ولا يمكن لهذا الظلم الصمود، فقد حقق المدافعون عن الامتياز ما يريدونه. والآن يجب على الناس تنظيم أنفسهم، ومواجهة قوة المال المنظم بقوة المواطنين المنظمين. لقد تم ترويع المشرعين بالاندفاع المتولد من قبل أقلية صغيرة من المتطرفين في حزب الشاي، وحان الوقت لهم لكي يذوقوا لهيب الغضب من الغالبية العظمى، الذين تداس قيمهم.

ومع التزام الرئيس أوباما وقادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، فإن البعض يقول إنه لا شيء يمكن القيام به. ولكن عندما بدأت حركة الحقوق المدنية، لم يكن للأميركيين من أصل إفريقي حق التصويت، وتم حرماننا من المرافق العامة، وتم عزلنا داخل مدارس منفصلة وفقيرة، محرومة من الفرص الاقتصادية، فاستبد بنا الشعور بالعجز.

ولكن الدكتور مارتن لوثر كينغ علّمنا أنه ليس لدينا خيار سوى التحرك، قائلاً: «الحرية لا تعطى طوعاً من الظالم، ويجب أن يطالب بها المظلوم». لذا فإن الظلم لن يتحداه أولئك الذين يستفيدون منه اليوم، لكن يجب أن لا يدوم هذا الظلم، والمواطنون الذين يعملون بشكل مستقل من كلا الحزبين، هم الذين يمكنهم أن يغيروا كل هذا.

وبطريقة يشوبها التآمر، فقد تم رفع السقف ويتم الاستقطاع من الأشخاص الأكثر ضعفاً. علينا ألا نسمح بتخفيض الحد الأدنى، وتوسيع الشقوق فيه. يجب حماية الأكثر ضعفاً.

إننا لم نخسر أبداً معركة خضناها من أجل العدالة الاجتماعية، ولم نفز أبداً بمعركة إلا إذا خضناها. ولهذا السبب، من أجل مداواة الجرحى وحماية الضعفاء، فقد حان وقت القتال.

 

 

Email