أميركا وحملة التشويه ضد أوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتفعت تقييمات «دونالد ترامب»، قطب العقارات الأميركي، إلى أعلى الدرجات كمرشح جمهوري خلال حملته الشعواء التي شنها، متهماً فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه ليس أميركياً، وأنه غير مؤهل قانونياً ليكون رئيساً للولايات المتحدة.

لقد أدى تأثير «ترامب» إلى أن يبادر آخرون، مثل سارة بالين، بالتحوط من خلال التنصل من هذه السخافات. وإذا استمر هذا الوضع، يمكن أن يتحول السباق الجمهوري إلى سباق من أجل التشوية.

إن أميركا تستحق أفضل من ذلك. ففرص العمل محدودة، والأجور ليست مواكبة لها، وقيمة المساكن آخذة في الهبوط. البنوك في وضعية طيبة، لكن مازال الناس يفقدون منازلهم. الأغنياء يدفعون ضرائب أقل، في حين يدفع الفقراء رسوماً أعلى. يتم سحق الطبقة المتوسطة. ويتم تجيير الوظائف الجيدة إلى الخارج، واستبدالها، في كل الأحوال، من خلال العمل بأجور متدنية. هناك الآن ائتمانات خاصة بقروض الطلبة، مستحقة في أميركا أكثر من ديون بطاقات الائتمان.

إننا بحاجة إلى نقاش جدّي حول ما نقوم به للخروج من هذه الهوة. فعلى المستويين الفيدرالي والولايات الأميركية، بدأت مناقشات غاضبة. فالمشرعون المحافظون وحكام الولايات يضغطون لخفض الضرائب على الأغنياء والشركات، حتى في الوقت الذي يخفضون الدعم للمدارس والرعاية الصحية. وفي ظل ارتفاع الوقود بأكثر من 4 دولارات للغالون الواحد، يعود المحافظون إلى موقف الإيقاع بالصغار، في حين أن الليبراليين يدعون إلى تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة. إننا بحاجة إلى حوار نشط بشأن ماهية استراتيجيتنا وما ينبغي أن تكون.

لقد حقق «دونالد ترامب» ثروة في مجال العقارات. ومن المفترض أن يكون لديه الكثير ليقوله حول كيفية تعاملنا مع ديوننا، أو التعامل مع استمرار أزمة السكن، أو تطوير استراتيجية للصناعة المتقدمة والمجدية. ربما لديه وجهات نظر جادة حول سياسة الطاقة، وبالتأكيد حول ما إذا كان ينبغي لنا رفع أو خفض الضرائب على الأثرياء.

بدلا من الخوض في هذا النقاش، فهو يركب موجة سامة من خلال بث اتهامات خبيثة يتعين عليه أن يدرك أنها مجافية للصواب. ويعتبر هذا الهراء بشأن تاريخ أوباما واحد من الجهود المختلفة لوسم الرئيس بأنه غير أميركي، وكونه دخيلاً. البعض يقول إنه ليس مسيحياً، وإنما هو مسلم. ويتأمل «مايك هاكابي» في أوباما بأنه تربى في كينيا، وهو البلد التي لم يسبق لأوباما العيش فيه تعد هذه الألعوبة قديمة وتافهة.

فعندما كان الدكتور مارتن لوثر كينغ يتحدى العنصرية، كان الجنوبيون يعلمون أنهم ليس بوسعهم الفوز في حجتهم معه في ما يتعلق بالمساواة في الحقوق أو الحق في التصويت. لذلك فقد وصفوه بأنه شيوعي.

 وقالوا إنه كان محرضاً خارجياً، رغم ان الكنيسة التي كان يتبعها موجودة في جورجيا. وعندما ارتفع صوته معارضاً حرب فيتنام، جادلوا بأن ذلك ليس وجهة نظره، بل كونه مؤهلاً لإبداء الرأي. وكان واعظاً، بحسب ازدرائهم له، وليس خبيراً في السياسة الخارجية، على الرغم من أن الخبراء قد أوصلونا إلى الكارثة. الأمر بالنسبة لـ«كينغ»، وأيضاً لأوباما، كان كل هذا مجرد تضليل، ولا علاقة له بمناقشة أفكاره أو مواقفه، ولكن لرفضها من الأساس من خلال تشويه صورة الرسول الكريم، وليس بتفنيد الرسالة السماوية.

تتسم السياسة الأميركية بالفوضى. فالسياسيون يدركون أن حياتهم الشخصية، وأموالهم وزلات اللسان التي تصدر عنهم في نهاية الأيام الصعبة كلها خاضعة للمناقشة. وليس هناك أي محكمين، ولا توجد مجموعة محددة من القواعد. وفي أحسن الأحوال، فإن بعض وسائل الإعلام تقدم تحليلاً حول مصداقية التهم المختلفة، لكن هذا التحليل ليس على مستوى الافتراءات أو الأكاذيب الأصلية.

في النهاية، يقرر الناخبون أي نوع من المناقشة سيكون لديهم، وأي حزب يريدونه. إذا كافأوا المرشحين على خوض حملات غير نزيهة، تعج بالأكاذيب والافتراءات، فإن الكثير من المرشحين سوف يعتمدون هذه التكتيكات.

يشن «دونالد ترامب» حملات افتراء لتشويه سمعة الرئيس الأميركي ويتعرض فيها لنزاهته الجوهرية، ويثير الشكوك والمخاوف من دون داع، من خلال جعله هدفاً للخداع والتضليل. الرئيس أوباما أفضل من ذلك، يجب أن يكون دونالد ترامب أكبر من حملة التشهير هذه. يبني «ترامب» جداراً بين الذين يؤمنون بالافتراض القائل بأن الرئيس ووالديه ليسوا صادقين. يستقر وراء هذا الجدار شعور خطير بالجهل والخوف والكراهية والعنف. فلا يجب أن يتحول القلق والإحباط الاقتصاديان المشروعان إلى غضب وقبح سامين.

أنا أعلم دونالد ترامب. فهو أفضل من هذا. فلو أنه يجرؤ على القيادة، فلندعه يستدعي جوانب الأمل المثلى لدينا. فالقادة الذين يقودوننا بشكل أفضل يأخذوننا من الجحيم إلى الفردوس. يجب أن يستخدم دونالد ترامب مهاراته الكبيرة لإعلاء شأن أميركا، وليس لإحداث الانقسام.

إننا الآن نعلم أن دونالد ترامب يشعر بالسعادة لنشر كذبة عن الرئيس الأميركي. ولا نعرف شيئا تقريباً عن وجهات نظره بشأن إعادة توجيه مسار أميركا. فهذه اللغة المستخدمة في تشويه سمعة مسقط رأس الرئيس، وديانته ومؤهلاته هي حجة ضعيفة وإساءة لترامب وأميركا.

لا يجب أن يتشرف به الناخبون أو مكافئته، أو أي شخص، على هذا العمل.

Email