الأديب والمجلس الوطني الاتحادي..

ت + ت - الحجم الطبيعي

يكثر الحديث في هذه الآونة عن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وعن اختيار أعضائه من مواطني إمارات الدولة، سواء كان بالانتخاب من خلال الهيئة الانتخابية التي شكلتها كل إمارة على حدة، أم بالتعيين الذي يكون عادة من قبل أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

ونحن إذ نتابع عن كثب مراحل سير العملية الانتخابية المباركة، نلمس مدى الاهتمام الكبير الذي تحظى به هذه العملية على المستويين الرسمي والشعبي، وذلك بسبب طبيعة المسار الديمقراطي الذي تنتهجه في طريقة اختيار نصف أعضاء المجلس الذين يمثلون مختلف شرائح المجتمع في المجلس، ويقومون بالتعبير عن أصوات من انتخبهم من أفراد الشعب أمام مختلف السلطات في الدولة،رغم أن الفرد يعود مغتربا عن ذاته وعن صوته في عدد السنوات التي يقضيها النائب الذي منحه المواطن صوته، واختاره ممثلا عنه تحت قبة البرلمان، وهو المعنى الذي عبّر عنه أحد مثقفي الغرب.

أمام هذا الاستحقاق، وفي ظل ما يجول في عقول الكثير من المثقفين، والأدباء على وجه الخصوص، وعلى الرغم من جدلية العلاقة بين المثقف والسياسة، إلا أن سؤالا مهما يفرض نفسه وهو: أين موقع الأديب في المجلس الوطني الاتحادي للدولة طوال هذه العقود؟ ألا يستحق الأدباء أن يكون لهم عضو برلماني يمثلهم وينقل طموحاتهم وقضاياهم إلى أصحاب القرار؟ وبالتالي مناقشتها مع الوزراء والمسؤولين في القطاع الثقافي في الدولة، أسوة بالقطاعات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. إلخ.

فمن خلال متابعتي لدورات المجلس على مدى سنوات عديدة، ومتابعة بعض الأدباء الذين شهدوا ولادة المجلس منذ تأسيس الاتحاد، يتضح أنه لا يوجد للأديب بصفته الأدبية موضع قدم في المجلس الوطني على مدى التسعة والثلاثين عاما الماضية من عمر المجلس، فبماذا يفسّر ذلك؟

إن النهضة الثقافية الكبيرة التي تشهدها الدولة، وما يتخللها من مهرجانات وملتقيات وندوات وبرامج ثقافية محلية وعربية ودولية، تحتم النظر بعين فاحصة للدور الكبير الذي يلعبه الأديب سواء في إقامة هذه الفعاليات وتنظيمها والمشاركة فيها، أم عبْر بثه لروح الإبداع والابتكار في تلك النشاطات الأدبية والثقافية المتنوعة على مستوى مناطق الدولة جميعها. فضلا عن أن الثقافة تعتبر من الركائز الأساسية للتقدم والتنمية والحضارة، والأديب في هذا المقام يمثل حجر الزاوية بل ومهندس عمليتها الإنمائية، إضافة إلى أن الأديب ككاتب مبدع ومبتكر وصاحب فكر ورأي، يؤسس لبيئة أو مجتمع واع وراق ومتحضر، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على تطور الدولة والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تهدف إليها.

إن دولة الإمارات مشهود لها اهتمامها الكبير بالثقافة ودعم المبدعين من أبنائها في كل المجالات، الأمر الذي خلق لها ثقلا أدبيا كبيرا وبوأها مكانة ثقافية عظيمة بين الدول والشعوب، وهذا ما نلمسه ونراه دوما خلال مشاركاتنا في مختلف المحافل الأدبية والثقافية الإقليمية والدولية.

وتأسيسا على ما تقدم، فإن هذا الزخم الثقافي الذي تعيشه الدولة، لابد من العمل على ترسيخه واستدامته في مجتمع الإمارات، وذلك بوضعه على طاولة المناقشات لغرض التحليل والتفعيل والتنسيق، ولضمان إبقائه متوهجا على كل المستويات، الأمر الذي يكرّس موقع دولتنا الثقافي بين الدول والشعوب كعاصمة للثقافة العالمية.

خلاصة القول: إننا بحاجة إلى عضو ثقافي (أديب) يمثل الأدباء بصفته الأدبية في المجلس الوطني الاتحادي، كون أهل الأدب أدرى بشعابهم في نقل آمالهم وطموحاتهم إلى أصحاب القرار، ويحدونا الأمل في أن تزخر التشكيلة الجديدة القادمة للمجلس، باسم أديب أو اثنين على أقل تقدير، لتحقيق هدف تعزيز دور الثقافة في المجتمع، وتحفيز التنمية الثقافية في الدولة عموماً.

Email