المجلس الوطني حديث الساعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أدري إن كان الإخوة في جريدة (البيان) يفاضلون بين كاتب وآخر، في صفحة آراء وأفكار على وجه الخصوص.. ويضعون لبعض الأسماء براويز مزركشة برسومات تعبيرية، تمييزاً لها عن غيرها! وعلى فكرة، فإن هذه الملاحظة التي بدأتُ بها حديثي ليست مؤاخذة ولا لوماً، فمحرر أي صحيفة حر في تصنيف ما يراه ملائماً.. ولكن الحيادية لدى صحف الرأي أمر تستوجبه المصداقية التي عوَّدتنا عليها (البيان).

ولمّا كان المجلس الوطني حديث الساعة، فإنه من الملاحظ أن (البيان) من أكثر الصحف تطرقاً لموضوع المجلس الوطني الاتحادي، لاسيما في دورته الأخيرة، التي انقضت بانقضاء الدورة الحالية، ولعلّ ذلك فعلٌ حسنٌ من (البيان)، باعتبار أن موضوع المجلس الوطني والحديث عنه شيء يهم المواطن الإماراتي، والذي يتطلع من خلال وجود هذا المجلس إلى غدٍ أفضل وأكثر إشراقاً في مسيرته التنموية.

وإني كغيري، وهم كثر من الناس، لا أتحمس بدرجة كبيرة لوجود مجلس مركزي في الدولة لا يملك من أمره شيئاً، ولا يماشي ما نحن فيه من حياة متطورة ونامية، وفي بلد كالإمارات ذات التركيبة الفدرالية غير المركزية، إذ تملك الإمارة العضو الكلمة المسموعة في شؤونها اليومية الخاصة. ويرى العديدون من أصحاب الرأي أن إقامة مجالس محلية ذات اختصاصات وصلاحيات لها وزنها، كمجالس البلدية وغرف التجارة والمجالس الاستشارية في الإمارة، تفوق فائدتها المجالس المركزية، كالمجلس الوطني الاتحادي وما شابهه من مجالس.. على أن تكون هذه المجالس المحلية أهلية صرفة، يختارها حاكم الإمارة، أو يوكل إلى مجموعة يتوسم الحاكم فيهم خيراً أن يختاروا أعضاءها، ويُعطى هؤلاء الأعضاء صلاحيات محلية لا يستطيع أن ينقضها إلا حاكم الإمارة، بناء على قانون ينظم شؤونها.

وإني أهمس في أذن الإخوة المحترمين، الذين يناقشون موضوع المجلس الوطني أو غيره من المجالس، أن المسألة المثارة مسألة سياسية بحتة، والنظريات السياسية يختلف الناس حولها في كل زمان ومكان، وهي ليست من الأمور التي لا راد لإرادتها.. وعندما تتم مناقشة هذه المسائل، يجب علينا جميعاً أن ننأى بأنفسنا عن الانفعال والتعسف في القول، وتسفيه الرأي المغاير والانتقاص منه.

ولابد من الإشارة إلى أن المجلس المقبل المقرر تشكيله في سبتمبر من هذا العام، سيكون مجلساً مختلفاً عن المجالس السابقة، باعتبار أن عدد الذين سيختارونه من الناس في كل إمارة يزيد على ضعف العدد في الدورة السابقة، ولعلّ هذا يأتينا بشيء أفضل.

والذي أعرفه أن القيادة في الدولة تبحث بحثاً جدياً عن أفضل السبل لتحقيق ما يصبو إليه الناس، وفي هذا البحث يتراءى لكل متفائل أن القيادة تحاول أن تقف عند أي مطب وتتلمس معالم الطريق، خاصة وأن الدرب كثير الشعاب.. وما يقع عند غيرنا من أمور غير محمودة، يستوجب التأني وعدم القفز على الحواجز.. وقد أثبتت التجارب الآن، أن استنساخ ما عند الغير لم يكن ناجحاً ولا مشجعاً، والعاقل من يتعظ ولا يقف عند رأي قد يكون خطأ.

ولست ممن يتفق مع الآراء الاستفزازية، بأن هناك في المجلس الوطني الاتحادي تفاضلاً بين عضو وعضو.. أو بين المعينين والمنتخبين.. وأعتقد بأن مثل هذا التفاضل غير وارد تماماً وفيه عدم إنصاف، فكل هؤلاء الأعضاء من نسيج هذا المجتمع، ومن هؤلاء كثيرون ممن كانت لهم مواقف يحمدون عليها في طرح الأمور النافعة.. وأي حديث يخص المجلس الوطني سلباً أو إيجاباً، فإنه يتعلق بهيكلة المجلس وتركيبته، ولا ينبغي المساس بشخصية العضو أو الأعضاء المحترمين.

Email