جبهة شعبية خلف بوتين في روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد اجتماع عقده مع ممثلي منظمات المجتمع المدني قرر رئيس الحكومة فلاديمير بوتين تشكيل جبهة شعبية لعموم روسيا، وذلك في إطار استعداد حزب روسيا الموحدة الذي يترأسه بوتين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

. وربط بوتين نجاح هذه الجبهة بأن تكون «تجمعا على أساس متكافئ» للقوى السياسية المؤمنة بضرورة تنمية البلاد والاقتصاد الوطني الروسي، واعتبر أن الجبهة الشعبية ليست بنية فوق حزبية، وإنما ستكون إطارا جماهيريا حول بوتين باعتباره صاحب الفكرة، .

 

وأضاف انه لا يجب أن تكون في صفوف المجموعات والقوى التي ستشارك في هذه الجبهة قوى رائدة أو حاكمة. وحول قوائم مرشحي حزب روسيا الموحدة للانتخابات البرلمانية دعا بوتين قيادة الحزب أن لا تقتصر ترشيحاتها على أعضاء الحزب، .

 

وإنما تتوسع لتشمل مؤيدي «روسيا الموحدة» من غير الأعضاء، وكذلك المشاركين في النقابات والجمعيات النسائية والشبابية وغيرها و«المواطنين النشطاء الذين يريدون أن يؤثروا بصورة مباشرة على رسم سياسة البلاد عبر آليات حزب «روسيا الموحدة» وإمكانياته باعتباره حزبا حاكما.

 

ومن منطلق الثقة في شخص بوتين وشعبيته الكبيرة لاقى المشروع ترحيبا كبيرا، حيث توصلت نحو 20 منظمة اجتماعية ومهنية تمثل النقابات والعمال والصناعيين والمزارعين والتجار ورجال الأعمال والمعلمين والطلبة والشباب والنساء والمتقاعدين وقدماء الحرب، للاتفاق مع ممثلي حزب «روسيا الموحدة» على تشكيل مجلس تنسيقي للجبهة الشعبية، على أن يعقد اجتماعات شهريا بشكل دوري.

 

وبدا المشاركون في تنفيذ مشروع بوتين بوضع ميثاق عمل الجبهة، الذي تضمن أهداف الجبهة الشعبية ومبادئها التنظيمية. وتم التأكيد على أن نشاط الجبهة لن يقتصر فقط على الحملات الانتخابية، وإنما سيشمل أيضا صياغة وتطبيق برنامج تحديث البلاد وتنميتها من كافة النواحي.

 

وقد كشف بوتين عن انه بحث هذا المقترح مع الرئيس ميدفيدف الذي رحب بالمشروع وأعرب عن تأييده للجهود التي ستبذل لحشد وتجميع كافة الطاقات والخبرات التي تتقارب مع برنامج وتوجهات حزب «روسيا الموحدة»..

 

البعض ينظر إلى هذا المشروع على أنه خطة من بوتين للاستئثار بالسلطة والنفوذ في روسيا، .

 

حيث يقولون أن لدى بوتين شخصية «سوفيتية» شمولية هي التي توجه تفكيره وتصور له روسيا دائما كدولة عظمى لا يمكن أن تعيش بدون صراعات مع الآخرين على المصالح العالمية، والبعض الآخر ينظر إلى المشروع على أنه نتاج حركات التغيير الثورية الشعبية التي تحدث في العالم وخاصة في البلدان العربية، .

 

والتي يتخوف الكثيرون من امتدادها إلى روسيا، خاصة أن مؤشراتها ظهرت في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة المجاورة، الأمر الذي لا يمكن معه الاكتفاء بوجود حزب كبير يملك الأغلبية في البرلمان، بل لابد من تأسيس قاعدة شعبية عريضة تدعم النظام الحاكم، وتكون جاهزة ومستعدة للتصدي لأية محاولات شعبية أخرى ضد النظام.

 

لاشك أن قمة هرم السلطة في روسيا مازال في حيرة كبيرة تتعلق بشكل النظام السياسي، .

 

وكان بوتين في بداية فترة رئاسته الثانية سار نحو بلورة نظام الحزبين الكبيرين، والذي تمثل في حزب روسيا الموحدة وحزب روسيا العادلة، إلا انه اضطر في نهاية رئاسته لتدعيم نفوذ حزب روسيا الموحدة ليكون الضمانة البرلمانية والحكومية التي تبقى على نفوذه السياسي داخل السلطة. ما تسبب في تراجع دور وحجم حزب روسيا العادلة.

 

. لكن ميدفيدف وبوتين وحتى قيادات المعارضة اليمينية الليبرالية تتمسك ببقاء نظام الجمهورية الرئاسية والتي تتركز فيها السلطات في يد سيد الكرملين، وترفض الانتقال إلى نظام الجمهورية البرلمانية التي تمكن القوى السياسية من المشاركة في إدارة شؤون البلاد

 

. ويمكن القول أن مشروع الجبهة الشعبية هو خطوة من جانب رئيس الحكومة لرص صفوف أنصاره استعدادا لانتخابات الرئاسة والبرلمان القادمة، لكن هذه الخطوة منوط بها حسم نتائج الانتخابات، عبر أدوات الضغط السياسي وحشد الرأي العام وأوسع تحالف للقوى السياسية خلف برنامج موحد وزعيم واحد.

 

وقد يكون ذلك بهدف إنهاء حالة الخلاف حول ثنائية السلطة في روسيا بالاعتماد على إطار تحالفي واسع لا يقتصر على حزب روسيا، بل ويضم أيضا قطاعات من حزب روسيا العادلة.

 

ومن بقية القوى السياسية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني التي تضمن تظاهرة سياسية واسعة لدعم ترشح بوتين على غرار ما حدث خريف عام 2007 عندما أعلن ممثلو نحو 30 مليون مواطن أن بوتين هو قائد الأمة. هذه الحملة ستكون من أهم الأوراق في التحضير للانتخابات القادمة، والتي يفترض أنها ستعيد ترتيب البيت الداخلي في السلطة وفق متطلبات المرحلة الجديدة.

Email