الإمارات.. والمعايير العالمية في مكافحة جرائم المال وتمويل الإرهاب

يتفق المختصون والباحثون في العلوم «الإدارية والقانون وعلم الأخلاق»، أن ظاهرة «الفساد المالي والإداري» بأشكالها ومستوياتها كافة، تعد ظاهرة عالمية متجذرة، ذات أبعاد شمولية، تسببها عوامل عدة متداخلة، يصعب التمييز عادة بين مكوناتها الرئيسة، وهي عادة ما تختلف في حجمها ودرجاتها من مجتمع إلى آخر، وبطبيعة الحال، لا تكاد تخلو منها «الأنظمة السياسية والإدارية» في غالبية بلدان العالم!

ومما لا شك فيه أن «الفساد المالي» يعد من أخطر الآفات الاجتماعية التي تعوّق تقدم المجتمعات وتحضرها وتنميتها، بالإضافة إلى أنها تقوض ثقة الشعوب في أنظمتها وحكوماتها.. الأمر الذي بدوره يؤدي إلى التخوين والتهوين من قطاعات الدولة.. العامة والخاصة، على السواء، من قبل الشعوب المقهورة..

ومن ثم تكون نتائجها وآثارها مدمرة للاقتصاد بكافة قطاعاته وأشكاله، سواء الاستثماري أو المشاريع الاقتصادية بجميع مستوياتها، الكبرى والمتوسطة، بالإضافة إلى المعاناة الإنسانية للشعوب الناجمة عن المشكلات الأخلاقية المصاحبة لهذه الظاهرة المنبوذة ديناً وخلقاً.

ومما لا شك فيه، أن تفاقم وتطور الجريمة المالية، يتطلب حشد الأدوار والموارد والخبرة للقطاعين العام والخاص، وذلك من خلال تضافر الجهود للحكومات والهيئات التنظيمية، وإنفاذ القانون والقضاء والشركات المالية وغير المالية.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، قامت الشركات والهيئات الحكومية في جميع أنحاء الدولة، باستثمارات كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث تم تخصيص الموارد لتعزيز الخبرات في مجال مكافحة الجرائم المالية، ورفع أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كجزء من الإطار الشامل لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتهدف دولة الإمارات من تعاونها مع مؤسسات مالية داخلية وخارجية، إلى مراقبة الأنشطة المشبوهة، والإبلاغ عنها وتحليلها، من خلال نظام الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة، وسجلات الشركات، وقنوات مشاركة المعلومات الأخرى..

كما يكشف عن الدور الإشرافي الملقى على عاتق الشركات الخاضعة للتنظيم، لتطوير نظام امتثال تحليلي واستخباراتي، يمكّنها من الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة إلى وحدة الاستخبارات المالية في الإمارات لتحليلها.

كما يمكن لدولة الإمارات، من خلال تكوين روابط أوثق بين الجهات العامة والخاصة، ضمان أن تكون البيانات الواردة من القطاع الخاص دقيقة وكاملة وقابلة للتنفيذ، لمساعدة جميع الجهات من السلطات الإشرافية والقضائية، في جهودها الجماعية لمكافحة التمويل غير المشروع. لقد حققت البنوك الإماراتية مستوى غير مسبوق من الاستثمار على صعيد تنمية الأفراد، وتعزيز تكنولوجيا المعلومات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما استثمرت دولة الإمارات بشكل كبير في وكالات إنفاذ القانون، ووحدة الاستخبارات المالية، الذي أدى بدوره لحماية وسلامة النظام المالي المحلي والدولي من غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولقد رحبت دولة الإمارات، بقرار إزالة الدولة من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب. في بيان لمعالي أحمد بن علي الصايغ، وزير دولة، قائلاً فيه:

ترحب الإمارات العربية المتحدة بمصادقة البرلمان الأوروبي على القائمة المحدّثة للمفوضية الأوروبية للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويُشكل هذا القرار اعترافاً واضحاً حول التزام الدولة الراسخ بأعلى المعايير العالمية في مكافحة الجرائم المالية الدولية.

تواصل دولة الإمارات دورها شريكاً موثوقاً واستراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وتؤكد التزامها الراسخ بضمان تطبيق أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بفعالية وبحزم، ما يمكّنها من مواجهة التحديات العالمية المستقبلية الناشئة، وبصفتها واحدة من أكثر الاقتصادات نمواً في العالم.

ومركزاً مالياً دولياً موثوقاً، تواصل دولة الإمارات العمل جنباً إلى جنب مع كافة الشركاء الدوليين، لحماية نزاهة النظام المالي الدولي. كما نتطلع إلى توطيد الشراكة الإماراتية - الأوروبية، بما يعزز التعاون الوثيق، والازدهار والأمن المشترك للمنطقتين وشعوبنا.

عودة للقول.. لقد ازداد حجم وتعقيد الجرائم المالية في الآونة الأخيرة، وكذلك ازداد وعي دولة الإمارات وفهمها للجرائم المالية، الأمر الذي تطلب تضافر الجهود، وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص، لا سيما في المراكز المالية ذات المستوى العالمي، مثل مركز دبي المالي العالمي، ومركز أبوظبي المالي العالمي.

لقد استطاعت دولة الإمارات، ولعدة أعوام متتالية سابقة، أن تحتفظ بالصدارة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على «مؤشر مُدرَكَات الفساد»، الذي تصدره سنوياً منظمة الشفافية الدولية «ترانسبيرانسي إنترناشونال» الألمانية غير الحكومية وغير الربحية، المعنية بمكافحة الفساد، والذي يرصد أكثر دول العالم شفافية ونزاهة وأقلها فساداً. حفظ الله دولة الإمارات العربية المتحدة، قادة وشعباً، وكل مقيم على أرضها.