ثم واصلت كلامي: لو كانت جماعة الإخوان وروافدها الإرهابية استمرت أكثر من عام لكانت تجذرت وضربت أسفل جدار المنطقة، بل وبلغ توغلها التمكين المنشود لديها تاريخياً، واعتبرت المنطقة العربية جزءاً من التنظيم الدولي، ولا أبالغ إذا قلت لك، إن عقل الجماعة كان يفكر في ذلك، وهـم أنفسهم الذين قالوا جئنا لنحكم 500 عام.
ولك أن تتخيل هوية وملامح الحكم تحت جماعة إرهابية وظيفية. انتفض المصريون والعرب في لحظة الخطر. يقين كامل بأنه لا أحد ينجو منفرداً، اللحظة فارقة.. الخرائط أدركت حجم المخاطر التي تنتظرها.
والذي أراد انبعاث جماعة ميتة من التاريخ، وتسليمها السلطة، بهدف السيطرة على الإقليم العربي، انطلاقاً من مصر، لكن مصر خرجت لتمزق وثيقة برنارد لويس وأمثاله، وتكشف عن جوهر الحضارة، فقد جاءت مصر ثم جاء التاريخ.
لكن 30 يونيو استعادت عافية المجتمع المصري وحيويته، برغم أن المخططين كانوا أمسكوا بزمام الدولة الأمة، في مفارقة نادرة لم تحدث في تاريخ مصر، فالمعروف أن المصريين يندفعون إلى الثورات ضد الاستعمار. على سبيل المثال، كانوا في الميادين في ثورة القاهرة الأولى، وثورة القاهرة الثانية، في مواجهة نابليون بونابرت، والاستعمار الفرنسي.
ورأينا في الأحداث الأخيرة التي تحيط بمصر من جميع الاتجاهات الاستراتيجية، كيف أن هذه الجماعات والميليشيات أسهمت في تدمير مجتمعاتها وبلادها، وتمزيق خرائطها، ولم تستطع حتى الآن أن تخرج من المستنقعات الظلامية.
وقد دفعنا من الدم والدموع والعرق، وضحينا بشهداء ومصابين في حرب ضروس، حرب إرهابية، تكالبت علينا بها جميع المؤسسات التي كانت تريد اختطاف مصر، لأهداف أبعد من روح وهوية هذه الأمة، والآن نرى تجليات هذه الأخطار والجماعات في المحيطين، العربي والعالمي، ولولا الحكمة والبصر الحديد للمصريين، لكنا وقعنا في شرك لا يمكن الفكاك منه. إن الدرس المستفاد من هذه الثورة، هو:
أن المصير العربي مشترك، وأن أمننا القومي لا تصونه سوى الوحدة بكل معانيها، ولذا، هناك ضرورة للالتفاف حول دولنا الوطنية، والحفاظ على مقدراتها، وهوياتها وحضاراتها، وعدم الأمان للتنظيمات والجماعات الإرهابية، التي تواصل الطرق أسفل جدران أمتنا العربية.