سياسات العمل في عام المجتمع

تعتبر الأسرة الممتدة المتماسكة المتراحمة من أهم التقاليد الراسخة في مجتمع دولة الإمارات، وسبباً رئيسياً في الحفاظ على الهوية الإماراتية، وتنشئة أجيال متعاقبة تعيش وسط مجتمع يضم جميع ثقافات العالم دون أن تفقد أياً من مكونات ثقافتها الأصيلة المتوارثة، الأسرة هي أساس بناء واستقرار واستدامة مجتمع الإمارات، لأنها هي المؤسسة الأولى للتربية والتنشئة الاجتماعية، التي تنقل الدين والثقافة والقيم والمعايير من جيل إلى آخر.

عملت الدولة منذ تأسيسها على تعزيز بناء الأسر الإماراتية، وتقديم كل الإمكانات والدعم والمساندة، لضمان حياة كريمة ومستقرة للأسرة، بما يضمن أن تقوم بوظائفها التربوية والوطنية والتعليمية، فمنذ تأسيس الدولة تم إنشاء أول وزارة للعمل والشؤون الاجتماعية في العام 1971، لتكون مسؤولة عن شؤون الأسرة، ومع تطور المجتمع وتوسع الأنشطة والمهام تشكلت وزارة للأسرة، وضع على كاهلهما تعزيز الجهود والمبادرات الهادفة إلى تعزيز مكانة واستقرار ورفاهية الأسرة الإماراتية، وتقديم الدعم للمجتمعات المحلية، لضمان حياة كريمة ومستقرة لجميع أفراد المجتمع، وللمحافظة على استدامة الأسرة، وعدم تعرضها للتطورات السلبية،التي أصابت الأسر في مجتمعات أخرى خصوصاً مع توسع ظاهرة العولمة، وانتشار بعض القيم السلبية عبر الفضاءات المفتوحة.

لقد حققت دولة الإمارات تقدماً ملحوظاً في سياسات العمل الداعمة للأسر، وأظهرت التزاماً واضحاً بتحقيق الاستقرار الأسري، إذ تبنت نهجاً شاملاً لتعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية، بما يتماشى مع رؤيتها المستقبلية لتحسين جودة الحياة؛ ومن أبرز هذه الخطوات زيادة مدة إجازة الأمومة في القطاع الحكومي إلى 90 يوماً مدفوعة الأجر، وإدخال إجازة الأبوة لأول مرة، ما يعكس الاهتمام بدور الآباء في تحمل مسؤولية تربية النشء، ومشاركة الأمهات في مسؤوليات الأسرة، كما أطلقت مبادرات مبتكرة لدعم رعاية الأطفال، مثل توفير حضانات في أماكن العمل، وتطوير البنية التحتية الرقمية لدعم العمل عن بُعد، ما يعزز قدرة الأسر على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل والمسؤوليات الأسرية، ومع ذلك فإن دولة الإمارات في ظل قيادتها الرشيدة عودت شعبها على اتخاذ الإجراءات السباقة، التي تواجه التحديات المتزايدة الناتجة عن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتقدم التكنولوجي، وعلى التطوير المستمر في نظم وإجراءات العمل، التي تدعم الاستقرار الأسري مثل اتباع ساعات العمل المرنة في العديد من القطاعات الحكومية والخاصة مع الحفاظ على الأجور، لضمان استقرار الأسر؛ وقد أخذت الكثير من المؤسسات والإدارات بالعمل لمدة 4 أيام أسبوعياً، على أن يكون يوم العمل الخامس «عن بعد»، لتعزيز التوازن بين العمل والحياة، لما لها من أثر إيجابي في تعزيز الترابط الأسري والاستقرار النفسي، وتربية الأبناء، وكذلك تم توسيع خيارات العمل للمرأة فيما يتعلق بساعات الدوام، كل ذلك يعكس التزام دولة الإمارات بدعم المرأة في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، مع تعزيز مشاركتها الفعالة في سوق العمل، حيث يعتبر خياراً مناسباً للأمهات أو من لديهن التزامات عائلية.

وتظل الإمارات دائماً سباقة في تطوير نظم العمل وسياساته، وتبقى نموذجاً يحتذى به في تحقيق أحدث الإنجازات مع المحافظة على القيم الأصيلة.