غزة ليست حماس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحصار المفروض على قطاع غزة يطال مئات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين غير المسيسين. وقد ظهر من احتفالات انطلاقة فتح مطلع هذا العام الحشود الغفيرة التي شاركت في الاحتفالات، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني في القطاع ليس حماس، ولا يجب اعتباره كذلك على سبيل التعميم الخاطىء :فهناك من المنتمين لحركة فتح وللفصائل الأخرى ومن غير المنتمين إلى أي من هذه الفصائل، ولا لحماس، أضعاف الذين ينتسبون لحماس. وهذه هي الحقيقة التي يتوجب بناء السياسات العربية والدولية على أساسها.

ومما لا شك فيه أن سيطرة حماس على غزة منذ العام ٢٠٠٧ قد جلبت على مواطني القطاع معاناة لا ناقة لهم ولا لمعظمهم فيها ولا جمل. في غزة مواطنون من حقهم مثل سائر أبناء الشعب الفلسطيني أن يعيشوا حياة كريمة، وأن يتمتعوا بحرية السفر من القطاع وإليه- وهو الحق الذي كفلته لهم شرعة حقوق الإنسان بشكل صريح وواضح. وهذا الحق ينسحب على كل المعابر التي تصل القطاع بالعالم الخارجي بما فيها المعابر مع مصر، ومع اسرائيل.

وإذا كان هناك خلاف وتوتر في العلاقات بين الحكومة المصرية التي تولت السلطة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي من جهة، وبين حركة حماس التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، ولا تستطيع أو لا ترغب في قطع الصلة مع تلك الجماعة من الناحية الأخرى، فإن السؤال المطروح على الأشقاء في مصر هو :ما ذنب عشرات الآلاف من المرضى والطلاب والمتعاقدين للعمل في دول الخليج وغيرها، ولماذا تفرض القيود على مغادرتهم للقطاع؟.

هناك وسائل تمتلكها الجهات السيادية المصرية، التي نكن لها كل الاحترام، تستطيع من خلالها التحقق من هويات الأشخاص الذين تشتبه بأن لهم علاقة بالأحداث المؤسفة في مصر الشقيقة، وبإمكانها وضع قائمة بأسمائهم ومنعم إذا ثبتت إدانتهم بالأدلة القاطعة من دخول الأراضي المصرية. أما فرض هذا الحظر شبه الكامل على المواطنين الغزيين، والسماح لحافلة واحدة أو حافلتين فقط بدخول الجانب المصري من معبر رفح كل يوم، فهو إجراء نأمل ونتوقع من الأشقاء المصريين، الذين كانوا في مقدمة من ضحى من أجل فلسطين، أن يعيدوا النظر فيه بما ينسجم مع ما عهدناه في مصر عبر تاريخها الطويل من الإحساس القومي الرفيع، والشعور القومي الأصيل، والتعاطف الصادق مع معاناة الشعب الفلسطيني المزمنة تحت نير الاحتلال.

وتبقى قضية الانقسام هي الشغل الشاغل لأبناء الشعب الفلسطيني. وقد قلنا وكررنا القول إن الوحدة الوطنية هي طوق النجاة لحماس في هذه الظروف المصيرية التي تحيط بالقضية الفلسطينية. والسبيل الوحيد لتحقيق هذه الوحدة هي الانتخابات التشريعية والرئاسية التي اقترحها الرئيس أبو مازن. وإذا كانت حماس واثقة من الفوز في هذه الانتخابات كما تقول، فلماذا المماطلة من جانبها وخلق المعاذير لتفاديها، مع أن الوقت الراهن هو أنسب الأوقات لإجرائها، ولمعرفة رأي الشعب الفلسطيني في توجهات مختلف الفصائل، وتقييمه لأدائها خلال ما يزيد عن سبع سنوات انقضت على آخر هذه الانتخابات عام ٢٠٠٦.

مصر كدولة شقيقة مدعوة لرفع القيود عن سفر الغزيين الذين لا علاقة لهم بحماس، أو بالتسييس عامة، واسرائيل مطالبة بفتح معابرها أمامهم كذلك. ويكفي الغزيين ما عانوه خلال سنوات الحصار الطويلة والمضنية، التي آن الأوان لإنهائها، ومنح أبناء القطاع ما يحتاجونه من إمدادات الغذاء والدواء والوقود، وقدرا كافيا من الحرية في الانتقال والسفر من غزة وإليها.
 

Email