محاولة نتانياهو اليائسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كان الرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني قد استطاع خلال مشاركته في اجتماعات الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن يرسي خطوة هامة على طريق تحويل مسار العلاقات الأمريكية الإيرانية مما كانت عليه، على امتداد الأعوام الأربعة والثلاثين الماضية، إلى مسار جديد يتبلور بشكل متزايد على نحو اكثر تفهما وإيجابية، فانه ليس من المبالغة في شيء القول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو الطرف الأكثر انزعاجا من أي تقارب أمريكي مع إيران، يسعى اليوم، وعلى امتداد الأيام والأسابيع القادمة، إلى العمل بكل قواه من أجل محاولة عرقلة هذا التحول، أو على الأقل الحد من إمكانية اندفاعه، أو سيره بسرعة نحو جوانب لا تريد إسرائيل أبدا أن يصل إليها على أي نحو.

جدير بالذكر أنه ليس مصادفة أبدا أن يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، وكل المسؤولين الإسرائيليين الآخرين إلى شن حملة شعواء على السياسات والمواقف الإيرانية، التي عبر عنها الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل وأثناء وبعد زيارته للجمعية العامة للأمم المتحدة ومشاركته في اجتماعاتها.وقد ارتكزت الحملة الإسرائيلية على محاولات تشكيك متواصلة في مصداقية المواقف الإيرانية، وفي النوايا والأهداف التي تسعى إيران إلى تحقيقها من وراء إظهار مرونة واعتدال ورغبة في التعامل مع الغرب وحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، بما يحفظ مصالحها ويطمئن العالم، ويتسق أيضا مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي ينبغي أن يلتزم الجميع بها، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي حين أكدت واشنطن، وعلى لسان الرئيس أوباما على الالتزام بضمان أمن إسرائيل، وبعمق وديمومة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أيضا، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تشعر أن المنحى الجديد للعلاقات الإيرانية الأمريكية من شأنه أن يحول دون أي نوع من التورط الأمريكي في مواجهة مع إيران، طالما تطلعت إليها ودفعت نحوها إسرائيل على امتداد الأعوام الأخيرة.

وفي ضوء ذلك فان كلمة نتانياهو اليوم أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سوف تكون محاولة أخرى لتأليب الأمريكيين والرأي العام العالمي ضد إيران، وضد ما أبداه الرئيس الإيراني من مواقف رحبت بها كل الأطراف الدولية، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالطبع روسيا والصين. ولكن لأن أهداف نتانياهو معروفة ومفضوحة أيضا، سواء بالنسبة للموقف من البرنامج النووي الإيراني، أو بالنسبة للأوضاع في المنطقة بوجه عام، بما في ذلك بالطبع عملية السلام. ولكن بغض النظر عن أية مغالطات أو محاولات إسرائيلية يائسة، فان العالم بات يتوق إلى السير نحو مزيد من السلام والأمن والاستقرار، والتقارب الممكن، والمفيد أيضا بين دول العالم وشعوبه، خاصة في هذه المنطقة الحيوية والمؤثرة في أمن العالم واستقراره. ومن ثم فسوف تظل محاولات نتانياهو محدودة الأثر والتأثير لاعتبارات وأسباب كثيرة، بغض النظر عما سيقوله اليوم في نيويورك.
 

Email