فرصة السلام على وشك الضياع

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضم التطورات المتلاحقة التي تعيشها المنطقة العربية، وفي ظل تبدلات تفرض نفسها بقوة على دمل وشعوب المنطقة جميعها، فانه من الاهمية بمكان القول بان الكلمة التي القاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بصفته رئيس دولة فلسطين، امام اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة قبل يومين هى بالفعل كلمة بالغة الاهمية ، ليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطينية، ولكن ايضا بالنسبة لفرص واحتمالات السلام في الشرق الاوسط، بكل ما يمكن ان يترتب على ذلك من نتائج بالنسبة لكل الاطراف، ومنها بالطبع اسرائيل والفلسطينيين، كشعب وكقضية.

ومع التأكيد على اهمية ان يحمل الرئيس محمود عباس صفة رئيس دولة فلسطين، وذلك للمرة الاولى خلال حديثه على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، وما يمثله ذلك من اهمية ادبية وسياسية لفلسطين وللقضية الفلسطينية  التي تعد بحق اقدم القضايا المطروحة امام الامم المتحدة منذ انشائها، فان الرئيس عباس حذر بشكل واضح وصريح من ان عملية السلام بين الفلسطينيين واسرائيل تمر الآن بفرصتها الاخيرة، ولأن هذا التحذير يأتي من جانب رئيس دولة فلسطين المعروف بتأييده للسلام، وبرغبته في التوصل الى حل شامل ودائم على اساس حل الدولتين، فان كلماته ليست من قبيل التخويف او المناورة، ولكنها اقرب الى الاستغاثة والى حث المجتمع الدولي من اجل العمل على وقف الممارسات الاسرائيلية التي تهدف الى تخريب المفاوضات ومنعها من التوصل الى نتائج مثمرة، يمكن البناء عليها واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وبالرغم من طبيعة الممارسات والانتهاكات الاسرائيلية المستمرة، خاصة في الضفة الغربية المحتلة، وضد قطاع غزة ايضا، فان الرئيس الفلسطيني اكد وبوضوح شديد على استعداده للمضي قدما في المحادثات الجارية مع اسرائيل،بنية صادقة، لان ” الوقت ينفد ونافذة الامل تضيق ودائرة الفرص تتقلص..وان مجرد التفكير في العواقب الكارثية للفشل والتبعات المخيفة للاخفاق يجب ان يدفع المجتمع الدولي الى تكثيف العمل من اجل اغتنام هذه الفرصة.” مشيرا الى العقبة الاساسية المتمثلة في استمرار عمليات الاستيطان الاسرائيلية في الاراضي المحتلة، والتي تضيف مزيدا من المشكلات التي تفاقمها الممارسات الهمجية لقوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ولاسيما في القدس المحتلة.

ومع الوضع في الاعتبار ان هناك جهات عدة فلسطينية واسرائيلية تريد عرقلة المفاوضات الجارية من اجل السلام بين الفلسطينيين واسرائيل، فان الموقف الراهن يتطلب بالفعل تدخلا امريكيا ودوليا كبيرا وقويا للضغط على حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لكي تعطي السلام فرصة، ولكي تستجيب لمتطلبات تحقيق السلام العادل والشامل على اساس حل الدولتين، اما الفشل وانهاء الفرصة الراهنة بمزيد من الاحباط واليأس فان تبعاته وسلبياته ستؤثر اول ما تؤثر على اسرائيل وعلى فرص السلام والاستقرار ربما لسنوات طويلة قادمة. فهل يستجيب العالم، والى أي مدى؟ .
 

Email