لبنان والتورط في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يجدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان دعوته الأطراف اللبنانية المتورطة بالأزمة السورية للانسحاب، مناشدا إياهم أن يضعوا مصلحة بلدهم قبل أي مصلحة أخرى من فراغ، إذ ليس من المستساغ ولا المقبول أن تنأى الدولة اللبنانية بالنفس عن الأزمة في سوريا، بينما تغرد أطراف لبنانية أخرى خارج سياق ما التزمته الدولة، وكأنها بهذا السلوك تتمرد على الدولة، أو كأنها دويلة داخل الدولة، مما قد يجر لبنان إلى كوارث وأزمات لا طاقة له بها، ولا غاية له من التورط الأرعن فيها.

إن التدخل المباشر لهذه الأطراف اللبنانية رغما عن الدولة، وبالتناقض مع سياساتها المعلنة، لا يصب في مصلحة الدولة ويضر بصورتها أمام العالم، ويمثل انتهاكا بيِّنا لشرعية الدولة، ويباعد بين مواقف أطراف الجماعة اللبنانية، مما ينعكس سلبا على كل الأوضاع الحزبية والدستورية.

إن لبنان صاحب تجربة الحرب الأهلية، والتي أنهكته لسنوات طوال، والذي اكتوى مرارا وتكرارا بأزمات جواره الجغرافي، والذي يجابه مشكلات اقتصادية تؤثر على مناشطه المختلفة، بحاجة إلى أن يتمتع باستقرار سياسي راسخ كوسيلة لإنعاش رئته الاقتصادية، وبالتالي فإن الدفع بلبنان لأن يكون رهينة لتداعيات أزمة في دولة مجاورة فيه من الأخطار الكثير، وأيضا فيه من المخاوف ما يجعل هذا البلد الشقيق يتأثر بوضوح بهذا المناخ المكفهر الذي يترتب على تورط أطراف لبنانية في المسألة السورية.ولهذا كانت سياسة النأي بالنفس عن المسألة السورية بمثابة ميكانيزم دفاعي، يجب ألا تتقاطع معه تورطات غير مسؤولة تقدم عليها أطراف لبنانية، وهو ما يعكس لدى هذه الأطراف أن أسبقية الولاء للطائفة يسبق لديها الولاء للوطن، وفي ذلك جوهر الخطر المحدق بحاضر لبنان ومستقبله، رغم العنونة الساذجة لهذا التورط بأنه إعلاء لمحور المقاومة، وهو عنوان تعصف به الممارسات ولا تؤكده الوقائع، ويتنافى مع الحقائق على الأرض. 
 

Email