بناء السلام لا المستوطنات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصعب على أي إنسان منطقي أن يفهم أهداف ودوافع السياسات الاسرائيلية المدمرة لكل مقومات السلام رغم كل المساعي والجهود الدولية والتنازلات الفلسطينية. لقد تنازلنا عن ٧٨٪ من أرض فلسطين التاريخية ورضينا دولة في حدود ١٩٦٧، وقدمت الدول العربية مبادرة سلام أيدتها ٥٧ دولة إسلامية وعربية واستعدت بموجبها للاعتراف باسرائيل والتعاون معها وإنهاء حالة العداء في حال التوصل الى اتفاق سلام عادل.

ووقعت القيادة الفلسطينية اتفاق اوسلو الذي تصادف هذه الأيام الذكرى العشرون لتوقيعه وتم تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني وكان لهذه الخطوات معارضون كثيرون، ومع هذا فقد كانت النتائج اغتيال الرئيس القائد أبو عمار الذي كان المحرك الأساسي لكل هذه التطورات بعد محاصرته في المقاطعة، واستمر الاستيطان ومصادرة الأرض وتهجير المواطنين وتهديد القدس والاعتداء على المقدسات.

وبعد توقف المفاوضات تم استئنافها بوعود وضغوط اميركية.. لكن شيئا من الممارسات لم يتوقف وفي حالات كثيرة ازدادت وتعمقت. وفي هذه الأيام تكثفت المساعي الاسرائيلية والمسيرات لتأكيد السيطرة على القدس، وتكررت الاقتحامات للحرم القدسي الشريف والاعتداء على المصلين والدارسين فيه ومنع المسلمين من دخوله أحيانا مع مخططات لتقسيم الزمان والمكان فيه بين اليهود والمسلمين، مما أدى الى قيام المواطنين للدفاع عن مدينتهم ومقدساتهم ووقوع اشتباكات عنيفة باب العامود وقرب الحرم وبداخله، وازدياد التوتر في كل أنحاء الضفة من جهة وتصاعد المطالبة بوقف المفاوضات.

التساؤلات التي تتكرر هي ما الذي تريده اسرائيل حقا، ولماذا تفضل بناء مستوطنة هنا ومستوطنة هناك على السلام والتعاون مع ٥٧ دولة اسلامية وعربية؟ ولماذا يفكرون بأن غطرسة القوة التي تحكم تصرفاتهم وممارساتهم ستدوم الى الأبد؟ ولماذا لا يدركون أن الضغط يولد الانفجار، وأن زرع روح العداء والكراهية في قلوب الأجيال الفلسطينية والعربية والاسلامية، لن يخدم اي هدف لأي طرف وسيجر المنطقة الى حالة مستمرة من الحروب والمعاناة واسرائيل وحدها هي التي تتحمل تبعات ذلك والمسؤولية عنه.

لقد أصاب الرئيس أبو مازن كبد الحقيقة وهو يخاطب أبناء الجالية الاميركية اليهودية في نيويورك حين قال إن على اسرائيل ان تبني السلام لا المستوطنات، ونأمل ان تلقى هذه الدعوة وهذه الكلمات آذانا مصغية وان تلقى التجاوب الذي تستحقه.. وان كنا نشك في ذلك لأن جنون القوة يعمي أبصارهم عن رؤية الحقائق والمستقبل.
 

Email