نقاط التقاء يمكن البناء عليها

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المعروف على نطاق واسع أن العلاقات بين الدول لا تستمر على وتيرة واحدة، وأن التباعد والخلافات، وتفاقمها أو تراكمها، كثيرا ما تؤدي إلى مزيد من سوء الفهم، وأحيانا اتخاذ مواقف لا تخدم مصالح هذا الطرف أو ذاك، والأسباب الكامنة وراء ذلك عديدة ومتنوعة، وهو ما يؤثر بالضرورة  ليس فقط على مصالح الدول والشعوب المعنية، ولكن على مصالح دول وشعوب أخرى. ومن هنا فإن العمل على إزالة سوء الفهم، في حالة حدوثه، وإتاحة الفرصة للفهم الصحيح للمواقف المتبادلة بين الأطراف المعنية، هو في الواقع أمر على جانب كبير من الأهمية لكل الأطراف، دولاً وشعوبًا، لأنه كثيرا ما يؤدي إلى استكشاف، بل وظهور نقاط التقاء بين الأطراف المعنية، وهو ما يمكن البناء عليه لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة أيضا.

وفي هذا الإطار تقدم العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية أنموذجًا للأثر المفيد والملموس للمساعي الحميدة، وللمحاولات الموثوق فيها لإتاحة الفرصة للطرفين للفهم الصحيح لمواقف كل منهما للآخر، وهو ما أسهمت وتسهم فيه السلطنة، وعلى أعلى المستويات عندما ترى أن ذلك ضروريا، كعادتها في تحركها وسعيها دومًا، من أجل توفير أفضل مناخ ممكن لتحقيق مزيد من السلام والأمن والاستقرار لدول وشعوب هذه المنطقة، وبناء أفضل العلاقات الممكنة أيضا مع الدول والقوى الأخرى على امتداد العالم من حولنا.

ولعل مما يبعث على الارتياح والأمل أن تتوفر وتتزايد المؤشرات على اتجاه كل من الدولتين الصديقتين، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والولايات المتحدة الأمريكية، نحو مزيد من الفهم الصحيح والموضوعي لموقف كل منهما للأخرى، ومن ثم تحديد نقاط الالتقاء وجوانب الخلاف، والتعامل معها في إطار قواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول، وتعزز المصالح المتبادلة فيما بينها. وليس من المصادفة على أي نحو أن تتعدد وتتراكم ما يمكن تسميته بنقاط الالتقاء التي يمكن البناء عليها بين إيران والولايات المتحدة خلال الفترة القادمة، وعلى نحو يعود بالفائدة والمصلحة لكلا الطرفين وللمنطقة ككل أيضًا.

ومع الوضع في الاعتبار ما صدر من تصريحات، سواء من جانب الرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني، أو من جانب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والرسائل المتبادلة بينهما، وكذلك ما حملته العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والإيرانية من تعليقات ووجهات نظر، تشير في معظمها إلى استعداد واشنطن وطهران  لتناول الخلافات فيما بينهما، خاصة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، في إطار من الاحترام المتبادل، وتقدير المصالح بالنسبة لكل طرف، والالتزام بحسن نية بالمواثيق الدولية، وبالحقوق المشروعة أيضًا للدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وغير ذلك من الجوانب التي أكد عليها كل منهما بأشكال مختلفة، فإنه من الطبيعي أن تتزايد الآمال في أن ينجح الطرفان في تعزيز فرص السير نحو علاقات أفضل، ونحو حل الخلافات على نحو يخدم مصالح كل الأطراف، بما فيها بالطبع دول وشعوب هذه المنطقة وبما يعزز الالتزام بالمعاهدات والمواثيق ومبادئ التعامل الدولي، وهو نجاح آخر أسهمت فيه عمان على طريقتها الخاصة.

.

Email