هل من سبيل لوقف موجات القتل الأعمى؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما لا شك فيه ان المنطقة العربية، تعيش في هذه الفترة مرحلة من أصعب مراحلها، بل ومن أكثرها سلبية وتأثيرا على حاضرها ومستقبل شعوبها  التي تمنت، ولا تزال تتمنى، أن تعيش حياة هادئة ومستقرة وآمنة تستطيع في ظلها ان تبني حياتها وحياة ابنائها على النحو الذي تتطلع إليه، بعيدا عن سيطرة او تعصب اي طرف ايديولوجي او ديني متشدد، خاصة بعد ان شهدت الأشهر الماضية الكثير من الممارسات والتجارب التي خلفت من السلبيات اكثر مما تركته من ايجابيات، هذا اذا كانت هناك ايجابيات أصلا، وهو ما اصاب الكثير من العرب بقدر غير قليل من التحسب والترقب لما قد تحمله التطورات الجارية في العديد من الدول الشقيقة، والتي لم تهدأ بعد.

ولعل ما يثير الكثير من الألم والأسى ان اكثر من دولة وشعب شقيق، بات عرضة لموجات القتل الأسود والأعمى، الذي ينطلق ليحصد كل يوم عشرات المواطنين الأبرياء، من العراق، مرورا بسوريا واليمن ووصولا الى ليبيا، هذا فضلا عن المواجهات المسلحة وعمليات مطاردة العناصر الإرهابية في بعض الدول الأخرى. ففي كل يوم يدفع العشرات ارواحهم بسبب التفجيرات والسيارات المفخخة والأعمال الانتحارية، التي لم تسلم منها المساجد والأسواق والتجمعات المدنية الأخرى، حتى في الأفراح أو تشييع الجنازات، ومن ثم أصبح الأمر أقرب الى الرغبة في ممارسة القتل  ضد الآخر، بغض النظر عن ما تشكله هذه الجريمة من ضلالة وانتهاك لكل القيم والأعراف الدينية والسياسية والأخلاقية التي تربت عليها شعوب المنطقة.

وأمام نزيف الدم الكبير هذا، فإنه من المهم والضروري العمل، وبكل السبل الممكنة، من أجل وقف هذا النزيف المتزايد والمتواصل ايضا، والمصحوب بالطبع بأعداد كبيرة من الجرحى الذين تخلفهم أحداث العنف، فضلا عن عمليات النزوح والاضطرار إلى مغادرة المنازل والقرى والمدن وحتى الأوطان أحيانا بحثا عن النجاة، ولو في معسكر لاجئين، بكل ما يعنيه ذلك من محنة وألم ومعاناة يدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ.

ومع أنه توجد جهود مبذولة، على مستوى كل دولة من الدول الشقيقة لاحتواء اعمال العنف الأسود، وأعمال التفجير العشوائية، فإنه من المأمول ان تزداد تلك الجهود، وأن يتسع نطاق المشاركين فيها من القوى السياسية المعنية والمؤثرة، والقادرة على احتواء الخلافات، والبحث عن نقاط تقارب بين الفرقاء، من أجل وقف هذه الأعمال الإجرامية التي تخالف وتنتهك كل الأعراف والنواميس والقوانين أيضا.

واذا كانت هناك جهود تبذل من أجل التمهيد لعقد مؤتمر جنيف 2 بشأن سوريا، ومحاولات لتتويج مؤتمر الحوار الوطني في اليمن بتوافق بين القوى المشاركة فيه، وتحاول الحكومة التونسية التوصل الى صيغة تفاهم مع القوى الأخرى.


فلعل القوى العراقية، وكذلك الليبية المختلفة تنجح في التوصل الى اطار متفق عليه فيما بينها، ويسير بها نحو احتواء المواجهات وأعمال العنف التي تعبت شعوبنا ومنطقتنا العربية منها.

 

Email