العراق والقتل المجاني

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس انفجار عشرات المفخخات والأحزمة الناسفة يوميا في العراق إيقاع طبول يشنف الآذان، فقد ازدهرت صناعة التفخيخ والموت كما لم تزدهر في أي مكان في العالم، وكأن الذين يروعون العراقيين يوميا بهذه الكوارث يتربحون من شركات صناعة السيارات التي يفخخونها ويحولونها إلى أشلاء متناثرة، أو كأنهم تعاقدوا مع حفاري القبور على توريد عشرات الجثث يوميا، كعمل رائج يدر عليهم أرباحا طائلة، أو كأن هناك من يدفع العراق دفعا إلى انتحار وفوضى ضحاياها يوميا بالمئات.

ماذا يحدث في العراق الشقيق تحديدا؟ ولماذا هذه الحوادث الدموية التي تطبع صورة غير زاهية في ذاكرة العالم تناقض تماما طبيعة العراق وحضاراته وصنيعه القديم والمتجدد للحضارة الإنسانية، ولا تتفق مع ما جبل عليه شعبه العظيم الذي قدم العديد من الإسهامات التي ما زالت باقية حتى اللحظة في ثقافات شعوب عدة في العالم.

لا ينقص العراق ثروة حتى يعزى هذا الموت اليومي المجاني إلى قنبلة الفقر التي تنفجر بفتيل من يأس في الحاضر مما يضاعف من وعورة التضاريس إلى المستقبل، ولا ينقص العراق علماء وباحثون بينما أكاديميوه تشتتوا على أصقاع الأرض يدرِّسون ويحاضرون في أرقى جامعات العالم، كما لا ينقص العراق موقع في الفؤاد والضمير العربيين وهو بوابة الوطن الشرقية التي كثيرا ما صدت الغزوات، وطويلا كانت بداية ونهاية كل طرق الحرير التي قطعتها تجارة متنوعة بين الشرق والغرب.

من يدفع العراق والعراقيين إلى هذا الاقتتال الطائفي البغيض، الذي يستهدف وحدة العراق، بغية الدفع إلى تصوير التعايش بين أثنيات العراق وطوائفه إلى درب من دروب المستحيل.

لماذا لا تعمل الحكومة العراقية وكل أطياف العراق على حقن الدم العراقي والعودة سريعا إلى العيش الأخوي المشترك لإفشال كل المخططات التي ترنو إلى التفتيت؟ لماذا لا تعتنق الجماعة الوطنية العراقية مسؤولياتها لإنقاذ العراق من هاوية الطائفية التي تتدحرج إليها الأوضاع يوما بعد آخر؟.
 
 

Email