مقابل هديته للصهاينة .. ماذا سيقدم كيري للفلسطينيين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن هناك أدنى شك في أن ما يحاك من مخططات تدميرية ضد المنطقة، وما يجري على الأرض من تنفيذ لها الآن هو إحكام آخر حلقات السلسلة التي وضعتها القوى الامبريالية الاستعمارية على رقبة المنطقة والتي عملت عليها منذ العام 1948م، تمهيدًا لخنق دول المنطقة والتضحية بشعوبها في سبيل بقاء الكيان المسخ الذي أقامته تلك القوى الامبريالية على أرض فلسطين المحتلة.

وليس ثمة أدنى شك في أن سوريا ومن معها من الشرفاء المقاومين تمثل الحلقة الأخيرة تلك التي يشتغل عليها الآن الحلفاء الاستراتيجيون لكيان الاحتلال الصهيوني، ومن معهم من العملاء والوكلاء والذيول والأتباع، تحت كذبة "نصرة" الشعب السوري، و"مساعدته" لإقامة الدولة "الديمقراطية والمدنية"، الذي عليه أن لا يقلق من التلويح بشن عدوان أميركي غاشم عليه، أو ينزعج من تلك العصابات الإرهابية المدعومة دوليًّا وإقليميًّا بالمال والسلاح، والسلاح الكيماوي، ومن تناثر الجثث وتدمير المباني والمؤسسات الخدمية وحرق المزارع وسرقة ما تبقى لديه من غذاء في الصوامع، وأن لا يتبرم من نزع أحد أوراق قوته، السلاح الكيماوي، وتدميره، فكل ذلك مقدمة لـ"نصرته" ومن ثم "انتصاره" وتنعمه بـ"الديمقراطية الأميركية"، كما يتنعم بها الآن العراقيون والليبيون، وغيرهم ممن مر عليهم قطار "النصرة". لقد كشفت جولة عرَّاب المفاوضات وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى حلفائه الصهاينة أمس بما لا يدع مجالًا للشك الاغتسال الأميركي والغربي بدم المنطقة، وما قرار رفع الحظر عن تسليح الإرهاب في سوريا والإيعاز إلى العصابات الإرهابية باستخدام السلاح الكيماوي بعد تزويدها به ضد المدنيين والعسكريين السوريين، إلا أحد أعراض هذا الاغتسال الجديد بالأصالة والوكالة عبر سماسرة ووكلاء إقليميين وصولًا إلى الواقع الراهن الذي يشهد حركة حثيثة نحو التخلص النهائي من الترسانة الكيماوية السورية، وهو ما أكدته جولة الضمانات "الكيرية" للحليف الصهيوني والتي أظهرت عرَّاب المفاوضات في حالة انتشاء يصول ويجول بين الصهاينة بأنه حقق لهم ما لم يكن في الأحلام، وأنها خطوة متقدمة جدًّا نحو خلخلة التماسك الذي يمثله محور المقاومة، وخطوة متقدمة تكتب مرحلة جديدة نحو خلق مناخات آمنة لكيان الاحتلال الصهيوني لأن يتوحش وينام قرير العين.

إن هذه الجولة للوزير الأميركي، أسقطت الكذبة الأميركية القائلة باستخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد شعبه لتبرير العدوان على سوريا، لتكشف أن كل هذه التدليسات والفبركات والذرائع المختلقة كانت مقدمة لما جاء به كيري إلى الصهاينة مفاخرًا بتحقيقه وهو تدمير الأسلحة الكيماوية السورية.

لكن، في المقابل، وقد قدم كيري لحليف بلاده الاستراتيجي كيان الاحتلال الصهيوني ما يعتبره هدية كبرى، ماذا في وسعه أن يقدم للجانب الفلسطيني إذا كان صادقًا في إصراره على استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والمحتلين الصهاينة بغية الوصول إلى تسوية سلمية؟ وما حدود الالتزام الصهيوني بتنفيذ الاستحقاقات الواجبة عليه؟ لأنه لم يعد هناك ما يمكن أن يتحجج به الصهاينة المحتلون بعد نزع مخلب مهم من مخالب محور الممانعة والمقاومة.

من المؤكد أن الأيام القادمة حبلى بما ستؤول إليه الأوضاع الفلسطينية كانعكاس مباشر لما يجري من تدمير ممنهج لسوريا وما تمثله من دور داعم للمقاومة ورافض للاحتلال الصهيوني.
 

Email