لقاء جنيف بين كيري ولافروف اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي رحبت فيه كل الاطراف المعنية بوقف نزيف الدم السوري، والحريصة ايضا على مصالح سوريا، وعلى بقاء الدولة والشعب موحدين ومتماسكين، باعطاء فرصة للدبلوماسية، كما وصفها الرئيس الامريكي باراك اوباما في كلمته امس، فانه من المؤكد ان الامر لم ينته حتى الآن، بل ان التحركات الجارية، والمستمرة والمتعددة الاطراف ايضا، سوف تحدد خلال الايام القادمة الخطوة التالية التي سيتم اتخاذها بالنسبة لما يجري في سوريا، وما يمكن ان تؤول اليه مواقف الاطراف المختلفة. وبالنظر للأهمية والتأثير الكبيرين لكل من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية، فان اللقاء المقرر عقده اليوم بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الروسي لافروف يعد على جانب كبير من الاهمية، بالنسبة لما سيتم اتخاذه من قرارات وخطوات خلال الفترة القادمة، وهو بالطبع لن ينفصل كثيرا عن المقدمات والمواقف التي عبرت عنها كل من موسكو وواشنطن خلال اليومين الأخيرين.

وفي ضوء التصريحات التي صدرت امس الاول من جانب كل من الرئيس الروسي بوتين، والرئيس الامريكي اوباما، حيث ربط بوتين بين الاقتراح الروسي بوضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة الامم المتحدة وبين التخلي عن الضربة العسكرية الامريكية، في حين اكتفى اوباما بطلب تأجيل التصويت من جانب الكونجرس على ضرب سوريا والتمسك بضرورة اتخاذ موقف ورد من جانب واشنطن ضد سوريا، فان محادثات كيري ولافروف ستكون في الواقع بالغة الاهمية، لأن الضربة العسكرية الامريكية لسوريا لاتزال معلقة في سماء سوريا حتى اشعار آخر.

على اية حال فان الموقف دقيق بالفعل، ولا يمكن التعامل معه بمنطق هذا او ذاك، لأن العلاقات الامريكية الروسية من ناحية، وقدرة كل من موسكو وواشنطن على التعامل مع القضايا الأخرى ذات الصلة بالمنطقة سوف تتأثر بالضرورة بعملية المساومة وشد الحبل الجارية بين الطرفين، والتي ستشهد جولة مهمة من جولاتها اليوم في جنيف.

جدير بالذكر ان الموقف الاوروبي قد رحب بالاقتراح الروسي، ودعت اشتون ممثلة الاتحاد الاوروبي للأمن والسياسة الخارجية الى سرعة التطبيق العملي للاقتراح الروسي ووضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة وتصرف الامم المتحدة. ولكن السؤال هو وفق اية شروط، وفي ظل اية معطيات؟ وهل ستتمسك روسيا بضرورة التخلي عن الضربة الامريكية لسوريا مقابل تنفيذ اقتراحها، وتخلي سوريا عن اسلحتها الكيماوية بشكل كامل، ام ان واشنطن ستتمسك بضرب سوريا حتى مع تخليها عن اسلحتها الكيماوية؟ وما موقف الأطراف الأخرى، اوروبية وغير اوروبية بالطبع من هذه المسألة شديدة التعقيد، خاصة وان هناك كثيرين يرون اهمية وضرورة تجنيب سوريا التعرض لضربة امريكية، مهما قيل انها ستكون محدودة او سريعة او غير واسعة النطاق. يضاف الى ذلك التساؤل حول ما اذا كانت الخلافات التي قد تحدث بين موسكو وواشنطن ستؤدي الى التراجع عن الاقتراح السوري، ومن ثم كسب مزيد من الوقت لتقرير كيفية التعامل مع الضربة الامريكية؟ دعونا ننتظر لنرى ما سيحدث اليوم في جنيف.
 

Email