قانون "أملاك الغائبين" وسيلة لنهب أراضي الفلسطينيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند قيام اسرائيل عام ١٩٤٨ صنفت السلطات الاسرائيلية من غادروا ديارهم عقب النكبة مضطرين بسبب عمليات القتل التي قامت بها عصابات يهودية مسلحة، على أنهم غائبون واستولت على عقاراتهم وأراضيهم دون وجه حق خلافا لكل القوانين والأعراف الدولية والمبادىء الأخلاقية. وحتى الذين انتقلوا من قرية أو مدينة أخرى داخل الخط الأخضر اعتبروا غائبين كذلك وسجلوا في الداخلية الاسرائيلية على هذا الأساس.

وفي أعقاب إعلان اسرائيل انفراديا وبشكل يفتقد للشرعية عن ضم القدس الشرقية عقب حرب ١٩٦٧ اعتبرت اسرائيل من كانوا يقيمون خارج حدود المناطق التي ضمتها إلى حدود بلدية القدس غائبين كذلك- علما أنهم يمتلكون أراضي وعقارات داخل حدود البلدية الموسعة قسرا، وهذه الأراضي والعقارات هي مطمع للسلطات الاسرائيلية وللمستوطنين خاصة.

ونظرا لأن ضم القد إجراء غير شرعي لم تعترف به الأسرة الدولية، فقد تباطأت اسرائيل في إصدار حكم قضائي من جانب محاكمها بخصوص إطلاق صفة "أملاك غائبين" على أراضي الفلسطينيين من المقيمين في الضفة الغربية خارج حدود القدس الموسعة. لكنها شرعت في الآونة الأخيرة في التحرك في هذا الاتجاه، مستغلة انشغال الدول العربية ينزاعاتها الداخلية، وكونها تمتلك سلطة الأمر الاحتلالي الواقع وقوة جيشها وشرطتها في مقابل مواطنين فلسطينيين عزل، وغياب محاكم عادلة ونزيهة ومحايدة تعطي لصاحب الحق حقه.

وفي الأساس، فإن اعتبار أصحاب الأرض والوطن غائبين- سواء أكانوا اضطروا للجوء أو النزوح أم ظلوا مقيمين في بلدهم ولكن في قرى أو مدن أخرى غير التي كانوا يقيمون فيها قبل النكبة- يعتبر مخالفا للقوانين الإنسانية والدولية، وليس من حق سلطات الاحتلال تغيير ملكية الأرض والعقارات، حتى لو كان صاحبها الفلسطيني لاجئا أو مقيما في بلدة أو دولة أخرى- هذا في ما يتعلق بأملاك اللاجئين ممن ظلوا داخل الخط الأخضر عقب حرب ١٩٤٨.

أما الفلسطينيون الذين نزعت عنهم صفة الإقامة في القدس، لأنهم يعيشون خارج حدود البلدية الموسعة، فهم ليسوا غائبين لأنهم ما يزالون تحت سيطرة الاحتلال كما أن اسرائيل لم تعترف بدولة فلسطين وما تزال المفاوضات التي يفترض أن تؤدي لاعتراف اسرائيل بدولة فلسطين تراوح مكانها. وحتى لو أنهم يعيشون خارج فلسطين فليس لاسرائيل الحق في انتزاع أملاكهم. ولم يعترف المجتمع الدولي بضم القدس، فعلى أي أساس تحاول المحاكم الاسرائيلية اعتبارهم غائبين مع أن وجودهم المادي في فلسطين التاريخية حقيقة وواقع لا يمكن أن ينكره أي عاقل له عينان يرى بهما وأذنان يسمع بهما.

إن هذا القانون الذي صدر عام ١٩٤٩ ليس له أساس من العدالة بأي مقياس حين تم تطبيقه على اللاجئين خارجيا وداخل الخط الأخضر. أما حين تحاول اسرائيل تطبيقه على فلسطينيي القدس التي تم تغيير خارطتها البلدية بقرار انفرادي لا تعترف به الأسرة الدولية، فالأمر يتعلق بنهب الأراضي والعقارات العربية، ومن واجب العالم أن يتدخل لوضع حد لهذا الإجراء، وإنهاء كل آثاره وما قد يترتب عنه.
 

Email