نزع فتيل الحرب الأميركية على سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأجيل تصويت الكونجرس الأميركي لمدة أسبوعين على قرار الحرب على سوريا أعطى المراقبين والمتابعين للأزمة السورية بصيصاً من الأمل لنزع فتيل الانفجار، وتجنب هذه الحرب المدمرة، وتداعياتها الخطيرة جداً على العالم، والتي قد تنقلب من حرب محدودة إلى حرب مفتوحة.

ومن هنا فان جميع الاطراف مدعوة إلى تقديم مبادرات، أو بالاحرى تنازلات وخاصة النظام والمعارضة لتجنيب بلادهم وشعبهم الموت والدمار، واللجوء والتشريد والضياع، وقد تم تحويل الشام كلها إلى أرض محروقة، وتهجير أكثر من ستة ملايين في الداخل والخارج، وتدمير بنية البلد تدميرا شاملاً، وقبل كل ذلك وبعده، اشعال الحرب الطائفية والمذهبية التي تشي باقامة دويلات طائفية متناحرة..

ان المتابع للمناخ المتأزم الذي يلف المنطقة كلها، وقرع طبول الحرب، يجد ان هناك شيئا واحدا يجمع الفرقاء المتصارعين وهو الخوف من هذه الحرب المرعبة، وتداعياتها الخطيرة على القطر الشقيق وعلى المنطقة كلها في ظل استعمال الأسلحة الحديثة المتطورة، مثل صواريخ كروز وتوماهوك ذات القوة التدميرية الهائلة وطائرات الشبح، وقاذفات بي 52، وامكانية وصول النيران الى دول الجوار، وخاصة للعدو الصهيوني، ما يفتح الباب على مصراعيه على صراع اقليمي خطير، لا أحد يعرف متى ولا كيف ينتهي؟؟

 وفي هذا السياق كان عدم تأييد الشعوب الاوروبية والشعب الاميركي لهذه الحرب كما تؤكد الاستطلاعات التي نشرت يضاعف من شعاع الأمل، وخاصة بعد رفض مجلس العموم البريطاني اقتراح رئيس الوزراء كاميرون بالاشتراك في هذه الحرب، ما شكل ضربة قاصمة لتوجهاته، واعطى جرعة قوية من الرفض للدول الاوروبية الاخرى، ما ظهر جليا في نتائج اجتماعات قمة العشرين التي عقدت مؤخراً في سان بطرسبرغ بروسيا، إذ أعربت تسع دول عن رفضها لهذه الحرب وفي مقدمتها الصين والهند واندونيسيا اكبر دولة اسلامية، مطالبة بموافقة مجلس الامن على اي قرار بهذا الخصوص، وضرورة انتظار نتائج لجنة التحقيق الدولية في جريمة تفجير الكيماوي بالغوطتين.

لقد أكدت الاحداث والوقائع التي عصفت بالقطر الشقيق، فشل الحلول العسكرية والامنية، وان السبيل الوحيد لحل الازمة، وانقاذه من التقسيم وطنا وشعباً، هو الحلول السياسية، الكفيلة بالمحافظة على وحدة البلاد، وتجنيبها دواعي التقسيم، واغلاق الباب على التدخلات الاجنبية، التي حوّلت الساحة السورية الى ساحة للصراعات الدولية، والصراعات الاقليمية بعد عودة الحرب الباردة بين روسيا واميركا.

ومن ناحية اخرى، ففشل الرئيس “اوباما” في تشكيل تحالف دولي على غرار التحالف الذي شكله بوش الاب لحرب العراق في عام 1991، والاوضاع الاقتصادية السيئة التي تعاني منها أميركا، وكانت السبب الرئيس في انسحاب الجيش الاميركي من العراق وتعهد “اوباما” بسحبه من افغانستان، وعدم شن اميركا لحروب جديدة، هذه الاسباب وغيرها تشكل سبباً رئيساً لتراجع “أوباما” عن تهديداته، وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي ان يأخذ بيده، ومساعدته على النزول من على الشجرة التي صعد عليها.

مجمل القول: ثمة بصيص من أمل بدأ يرتسم في الأفق في ضوء تأجيل تصويت الكونجرس الاميركي لاسبوعين على قرار الحرب، ورفض الشعب الاميركي والشعوب الاوروبية وشعوب العالم لهذه الحرب والتي تنذر بحرب اقليمية مفتوحة، لا أحد يعلم تداعياتها ونتائجها، ما يستدعي من الاطراف المعنية بالازمة وخاصة المعارضة والنظام، بتقديم حلول واقتراحات تصب في نزع فتيل الانفجار، والذهاب الى جنيف، كسبيل وحيد لانقاذ وطنهم وشعبهم والمنطقة كلها من كارثة محققة توشك ان تقذق بها الى المجهول!..
 

Email