منارة علمية في عقل الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

 كما هو الحال المثلج للصدور في جميع ضروب الحياة على أرض عُمان المعاصرة، فقد مضت نهضتنا التعليمية والعلمية في مسارها المتنامي حسبما أراد لها قائد مسيرة النهضة العمانية المعاصرة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ آخذةً بكافة معايير التقدم العلمي دون استثناء في سياق عام من الأصالة واحترام التراث الوطني، سواء في الشكل أو المضمون، بدءًا بالإنسان ثم البنيان، لتكتمل للجودة معاييرها، وللنجاح مسبباته، وللفرادة والتفوق واقعهما الحاكم على الأرض.

وبعد نيف وأربعين عامًا من عمر النهضة المباركة، يقف العماني مزهوًّا بتيجان الفخر والاعتزز أمام صرح جامعة السلطان قابوس الشامخ وبيوت علمها وخيرتها، قادحًا زناد الذاكرة ومستذكرًا بكل عرفان وامتنان تلك الجهود المخلصة التي بذلها راعي مسيرة التعليم في بلادنا جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ والتنفيذ المتقن الذي تم على أيدي العاملين على إنشاء مكونات هذا الصرح العلمي والثقافي الكبير الذي لا يزال يشهد كل يوم إضافة جديدة تعلي من شأنه، وتوسع من نشاطاته العلمية والمجتمعية أيضًا، ليتخطى ذلك الصرح العلمي الدور التقليدي لقاعات تلقي الدروس، نحو فضاء أوسع ينفتح على مجتمع علمي وثقافي وفني ورياضي متكامل.

تأسيسًا على ما سبق، حري بنا تجديد الاحتفاء بجامعة السلطان قابوس تلك المنارة العلمية الراقية، وهي تستقبل اليوم طلاب الدفعة الثامنة والعشرين للعام الأكاديمي (2013/2014م) والبالغ عددهم 3252 طالبًا وطالبةً في مختلف الكليات، من خلال تنفيذ البرنامج التعريفي السنوي الذي يستمر حتى الـ15 من الشهر الجاري، وذلك بهدف تعريف الطلاب الجدد بالحياة الجامعية والبرامج الأكاديمية والخدمات والتسهيلات التي تقدمها الجامعة لهم.

ولعل من حسنات هذا الأسبوع التعريفي، ما يحمله من دلالات على نمط التفكير العلمي الذي يحكم العمل الجامعي، حيث يدرك القائمون على أمر الجامعة لما تمثله الخطوات الأولى للطالب الجامعي في أروقة العلم بالجامعة من مرحلة حساسة ومهمة، يحتاج فيها لحاضنة تهيئ له سلامة الانتقال وسليم الأساس الذي سيبني ويؤسس عليه سياقه العلمي والاجتماعي في الجامعة.

وكان من ضمن هذا الجهد المشكور إصدار الكتيب التعريفي الخاص بالبرنامج التعريفي والذي يشتمل على جميع فعاليات الأسبوع التعريفي، حيث يعد هذا الكتيب الدليل الأهم والرئيسي للطلاب الجدد. هذا إضافة إلى مجموعة من اللقاءات والمحاضرات التي ترمي إلى تعريف الطلاب الجدد بحياة دراسية وعلمية تختلف عن تلك الحياة التي قضوها في المدارس من حيث الأنظمة وقوانين الدراسة بالجامعة والمتعلقة بالتخصصات والمواد الدراسية والبحوث والنجاح والرسوب.

إن أرقام الدفعة الجديدة التي تستقبلها اليوم الجامعة تؤكد ما أشرنا إليه أن جامعة السلطان قابوس غدت صرحًا علميًّا يشهد توسعًا واضحًا كميًّا وكيفيًّا، سواء في أعداد المنتسبين أو الكليات والتخصصات والمنشآت والمرافق التي تحتضنها الجامعة، وبمقارنة البسيطة بين كل عام دراسي جديد والذي قبله تتبين سرعة الحركة العلمية والعملية، ومما لا شك فيه أن هذا التصاعد الرقمي، يعد تراكمًا علميًّا يصب في النهاية في مصلحة الوطن من حيث سيصبح لدينا موروث علمي وتعليمي وبحثي يتفاعل آليًّا ليدفع إلى ساحة العمل والإنتاج بعقول وطنية، وبلا شك فإن خريجي جامعة السلطان قابوس هم رواد وطليعة تلك العقول.

Email