الاستيطان يتمدد رغم المفاوضات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل ممارساتها القمعية بحق المواطنين الفلسطينيين من اعتقالات وقتل وهدم للمنازل، فهي لا تتوقف عن تكثيف عملياتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية وخصوصا في القدس ومحيطها، دون أي اكتراث بقرارات الشرعية الدولية أو ما يسمى بعملية السلام والمفاوضات.

هناك عمليات هدم لمنازل أو إخطارات بالهدم في الأغوار، وفي إذنا والظاهرية بمحافظة الخليل. ودماء الشهداء الذين ارتقوا في مخيم قلندية أثناء عملية اقتحام للمخيم استهدفت اعتقال أحد الناشطين الأسبوع الماضي لم تجف بعد، ولم يصدر أي اعتذار أو تبرير لهذا الاعتداء من جانب السلطات الاسرائيلية حتى الآن.

ونشرت الصحف أمس تقارير عن مخططات ستنفذ قريبا لتوسيع مستوطنة بسغات زئيف الواقعة شمالي القدس، والمقامة على أراض يملكها مواطنون من بيت حنينا تقع في الجبل المعروف براس الطويل. وتهدف هذه المخططات لبناء ٦٣٠ وحدة سكنية أخرى في المستوطنة تحيط بعدد من المنازل التي أقامها مواطنون فلسطينيون على أطراف المستوطنة، ما يهدد بمحاصرة هذه المنازل والتسبب في معاناة أصحابها.

ويجري هذا كله في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي تحت الرعاية الأميركية، وفي نطاق السرية الكاملة. وما تم إعلانه، ولا نقول تسريبه، هو أنه لم يحدث اختراق في هذه المفاوضات حتى الآن، وأنها غطت كل القضايا العالقة بما فيها الاستيطان بطبيعة الحال.

والسؤال المطروح منذ انطلاق هذه المفاوضات هو : كيف يمكن لاسرائيل أن تقوم انفراديا وفي وجه المعارضة الفلسطينية، وربما الأميركية، بمواصلة البناء الاستيطاني بوتيرة أسرع مما كانت عليه قبل استئناف المفاوضات؟.

من الواضح أن الحكومة الاسرائيلية تستفيد من المفاوضات في تكثيف نشاطاتها الاستيطانية، وتجعل من هذه المفاوضات غطاء لهذه النشاطات، وهذا أسوأ ما يمكن أن ينتج عن العملية التفاوضية التي يفترض- من أجل حسن النية على الأقل- أن توقف اسرائيل البناء الاستيطاني وأن تدرج موضوع المستوطنات على جدول المحادثات، ليس كواقع تريد فرضه بالقوة على الفلسطينيين، وإنما كظاهرة يتوجب وضع حد لها وتصفيتها نهائيا إذا أريد للسلام أن يتحقق، ولو بأقل نسبة "مبلوعة" من العدالة.

والملاحظ بالنسبة للموقف الأميركي هو أنه يطالب الجانب الفلسطيني بمواصلة التفاوض حتى مع استمرار النشاط الاستيطاني، فهل فقدت الولايات المتحدة كل أوراق الضغط التي تملكها في التعامل مع الممارسات الاستيطانية الاسرائيلية؟ وما معنى التفاوض ما دام الاستيطان يبتلع الأراضي الفلسطينية باطراد؟.

أسئلة تريد جوابا مقنعا من جانب اسرائيل والولايات المتحدة، والوفد الفلسطيني المفاوض، بطبيعة الحال.
 

Email