حرائق الأقصى.. تزداد اشتعالا

ت + ت - الحجم الطبيعي

صباح يوم الخميس ١٩٦٩/٨/٢١ أقدم يهودي متعصب ومتطرف جدا، على إشعال النار في المسجد الأقصى المبارك مما أدى الى احتراق مساحة واسعة منه وأجزاء هامة موجودة فيه من أهمها منبر صلاح الدين الايوبي الذي أعده القائد التاريخي الكبير لالقاء خطاب النصر بعد استعادة القدس واخراج المحتلين منها على اثر معركة حطين المشهورة.

وفي ذلك اليوم الأسود تسابق الفلسطينيون جميعا من مختلف الأعمار والأجناس ومن مسلمين ومسيحيين لإخماد الحرائق والدفاع عن الأقصى المبارك. وترددت أصداء الجريمة النكراء في مختلف أنحاء العالم حيث أصدر مجلس الأمن بيان إدانة ودعا الملك السعودي الراحل فيصل الى انشاء منظمة التعاون الاسلامي التي ما تزال قائمة حتى اليوم وتضم كل الدول الاسلامية في عضويتها. وقيل في حينها ان المجرم مايكل دينيس مريض عقليا وبعد حجز لفترة تم ترحيله الى بلاده استراليا، وكان يؤكد انه ارتكب جريمته بأمر رباني.

بعد ٤٤ عاما على جريمة حرق الأقصى، تزداد النيران اشتعالا وتشتد الحرائق وتتخذ أشكالا مختلفة أشد خطورة وأبعد آثاراً. اليوم تتواصل الاقتحامات للحرم القدسي من فئات يهودية رسمية ومستوطنين ومسؤولين وأعضاء كنيست وغيرهم وبشكل يومي تقريبا تحت حماية الشرطة الاسرائيلية، كما تستمر الحفريات والأنفاق تحت المسجد الأقصى وفي محيطه بما يهدده عمرانيا بشكل جدي، وترتفع الدعوات من عدة جهات لإقامة الهيكل المزعوم في رحابه، وكان آخرها مناقشة في الكنيست بشأن السماح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي بشكل رسمي ودائم تماما كما فعلوا في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل.

الحرائق تهدد المسجد الأقصى فعلا والنوايا الاسرائيلية لم تعد سرا وهم ينتظرون الوقت المناسب لتنفيذ ما يخططون له، والأوضاع العربية والإسلامية بصورة عامة تشكل عاملا مشجعا لهم حيث تسود الفوضى والانقسامات والحروب الأهلية وحمامات الدماء كثيرا من الدول العربية وخاصة المعنية مباشرة بالقضية مثل سوريا ومصر، وتكاد تكون منظمة التعاون الإسلامي التي أقيمت أصلا لحماية الأقصى والدفاع عنه، غائبة كليا عن مسرح التأثير ولا تملك الا إصدار البيانات والاستنكارات.

ان شعبنا متمسك بكل ما أوتي من قوة بالحرم القدسي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وسيدافع عنه بكل إمكاناته ومن واجب ومسؤولية منظمة التعاون الإسلامي ان تبادر فورا للبحث عن خطوات عملية للدفاع عن الأقصى، كما أن المجتمع الدولي والدول العربية رغم صعوبة أوضاعها مدعوة كذلك لإطفاء الحرائق التي تشتعل في هذا المكان المقدس.

كما ان على المتطرفين والمتغطرسين الاسرائيليين الذين تعميهم القوة وحب التوسع، ان يفكروا في النتائج بعيدة المدى لأي اعتداء على الأقصى أو محاولة تغيير الوضع القائم فيه.
 

Email