اتفاقيات تؤكد حجم التضحيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

 كان التحدي الأكبر لمسيرة النهضة المباركة خلال إقلاعها إلى فضاء التقدم والعصرنة هو مشاق الجغرافيا ووعورة التضاريس وتعقيدها، والتي تضع الإمكانيات المادية والإرادة الوطنية لأي تقدم ناشئ على محك الاختبار والتجربة، وربما كان من حسن الطالع أن كان اختبار لحم أوصال البلاد بشبكة طرق حديثة بمثابة تمرين عملي كاشف لقدرات الإنسان العماني ومقدار عطائه وتضحياته الإنسانية والمادية من أجل مد شبكة طرق واسعة وحديثة، تصل البلاد شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، وتعطي النمو الاقتصادي والاجتماعي فرصًا لشمول وعموم عُمان.

ومن نافلة القول إن التأمل في كلمات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على مر تاريخ النهضة المباركة يكشف عن عقل عابر للعصور لا يعرف للتفكير والتخطيط في عقله محطة توقف، ففي الـ27 من يناير الماضي، وخلال لقاء جلالته ـ أيده الله ـ بشيوخ ورشداء ولايات محافظتي الداخلية والوسطى بالمخيَّم السلطاني بسيح الشامخات بولاية بهلا بمحافظة الداخلية في إطار جولة جلالته الكريمة في ربوع البلاد، قال جلالته "إذا نظرنا إلى شبكة الطرق في السلطنة فحقيقة أنَّها لا تضاهى مع التكلفة الباهظة لهذه الطرق؛ نظرًا لجغرافية السلطنة، ولكن كونها تأتي في مصلحة المواطن يسخر لها الأموال من أجل أن تنشأ".

كم كانت لحظة تستحق أن يسجلها التاريخ كشاهد عيان، حين جلس جلالته ـ أبقاه الله ـ بين أبناء شعبه ليذكرهم ويستذكر معهم معلمًا من معالم تجربة حضارية وتاريخية، متحدثًا بقلبه الكبير عن حجم تضحيات الوطن والتكلفة الباهظة التي دفعت لإنشاء الطرق ومدها، بما يحمله ذلك من ضرورة الحفاظ على مكتسبات الوطن، ليس من أجل هذا الجيل فقط، لكن من أجل أجيال المستقبل أيضًا، فالحفاظ على إنجازات الوطن مسؤولية اجتماعية شاملة، وتنمية تلك المكتسبات كمًّا وكيفًا هو جهد حاضر وطموح مستقبلي لا ينبغي التراجع عنه.

لقد تم بوزارة النقل والاتصالات أمس التوقيع على (16) اتفاقية بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 182 مليونًا و229 ألفًا و354 ريالًا عمانيًّا. ولعل اللافت كان ما حظيت به الطرق من نصيب الأسد في تلك الاتفاقيات، حيث بلغت تكلفتها 159 مليونًا و98 ألفًا و148 ريالًا عُمانيًّا، وذلك في امتداد جوهري لرؤية عصرية تراهن دائمًا على قطاع النقل كحاضنة أساسية وحيوية للتنمية الاقتصادية والسياحية والاجتماعية بجميع المدن والمراكز في محافظات وولايات السلطنة، هذا إضافة إلى دوره في حركة السكان والبضائع وربط المراكز الحضرية ببعضها البعض، حيث تعتبر شبكة الطرق المعبدة والممهدة التي تم تشييدها بمواصفات قياسية حديثة، وما يفرضه ذلك من التزام حكومي وطني بمد مزيد من شرايين الحياة في أوصال البلاد، وتنمية هذا المنجز الحضاري الكبير.

إن التوسع الرأسي والأفقي في التنمية والاستمرار في بسط مظلتها في ربوع هذا الوطن العزيز لتعبر عن مدى الاهتمام الكبير الذي تضطلع به حكومة عاهل البلاد المفدى ـ أعزه الله ـ في ظل هذا العهد الزاهر.

Email