مفاوض مجرد من أي سلاح وبلا ظهير!

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحديث عن المفاوضات أو استئنافها بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني، حديث ذو شجون؛ فهذه المفاوضات إن استؤنفت ستكون عرجاء وأحد كفتي ميزانها راجحة على الأخرى وهي الكفة الصهيونية، في حين ستكون الكفة الفلسطينية خالية من أي ثقل سياسي أو معنوي أو من أي دعم عربي أو غير عربي، ما يعني وفق ذلك أن الفلسطينيين يتم سوقهم إلى واشنطن حيث المتوقع أن تنطلق المفاوضات أمام عرَّابها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهم بلا ظهير حقيقي يشد من أزرهم ويصلب موقفهم ويطمئنهم على مستقبلهم، لذلك ستخلو الكفة الفلسطينية من كل الشروط الواجب توافرها أساسًا لاستئناف المفاوضات وهي وقف الاستيطان والاعتراف بحدود عام 1967م وعودة اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة، وإطلاق سراح الأسرى، وهنا يبدو الفلسطينيون كمن أخذ إلى حتفه، فعلى أي شيء سيفاوضون عدوهم الصهيوني وبأي سلاح سيضغطون في الوقت الذي أصبح فيه هذا العدو يمسك بجميع أطراف لعبة التفاوض بفضل الجهود والضغوط "الكيرية" التي تساوقت ـ كما يبدو ـ مع ضغوط المحتل الصهيوني، فبدا الفلسطينيون مستسلمين أمامها خوفًا من قطع المعونات وغياب ما يعتقدونه دعم سياسي ومعنوي أميركي.

وفي الحقيقة أنه حتى لو كانت موافقة السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات بهدف رمي الكرة في ملعب الخصم، فهي خطوة لها عواقبها، إذ ستوفر غطاءً شرعيًّا للاستيطان، لأن المفاوضات ستستأنف تحت حراب الاستيطان، ووسط رفض صهيوني واضح وصارم للاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى؛ أي أن قضايا الحل النهائي مغيبة تمامًا، بل أُسقِطت من جدول المفاوضات المعلن.

ورغم أن حكومة الاحتلال الصهيوني أعلنت عن نيتها إطلاق سراح مئة وأربعة أسرى من سجونها التي تعج بآلاف الأسرى، لما أسمته عربونًا على الموافقة الفلسطينية، في الوقت الذي تتحدث فيه عن أن أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه سيتم طرحه للاستفتاء. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك لا تزال ممانعة من إطلاق سراح هؤلاء الأسرى المئة والأربعة الذين سيقت مبررات كاذبة لرفض إطلاق سراحهم وهي "الخشية" من توجيه رسالة إلى من يصفونهم بـ"الإرهابيين" الفلسطينيين بأنه في نهاية اليوم سيتم إطلاق سراحهم كأبطال، وإذا كان هذا الحال بالنسبة للإفراج عن مئة أسير، فكيف سيكون الحال لو كان ثمة اتفاق سلام؟ خاصة وأن الجميع يعلم أن الاعتقالات التي تتم بحق الفلسطينيين هي اعتقالات تعسفية ظالمة لا علاقة لها بما تعتبره إسرائيل جنحة أو جريمة، مع العلم أنه حتى لو أطلق سراح هؤلاء الأسرى فإن مصيرهم سيكون الاعتقال مجددًا، مثلما فُعِل بالأسرى الذين أطلقوا مقابل الجندي الصهيوني جلعاد شاليط.. ألا يعني كل ذلك أنها مفاوضات ابتزاز.

ولكن ماحيلة الفلسطيني المجرد من أي سلاح من أسلحة الضغط، سواء بإرادته أو بفعل ظروف محيطة غير مواتية، والفاقد للنصير الحقيقي والداعم الحقيقي، أمام عدو يملك كل الأسلحة ويحتشد خلفه وحواليه عشرات الداعمين في المنطقة والعالم، والكتاب الذي يحوي أسماء هؤلاء الداعمين واضح العنوان ومتداول ومقروء وليس به طلاسم!

Email