التمادي في تجاهل الحقوق الفلسطينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد سبات عميق استيقظت الأمم المتحدة لتعبر للعالم على لسان مفوضتها لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن "فزعها" من المخطط العنصري لكيان الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في منطقة النقب، حيث يعتزم الاحتلال نقل عشرات الألوف من البدو الفلسطينيين وهدم أربعين قرية.


إنها صحوة متأخرة جدًّا خاصة وأنها تأتي من منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان والدفاع عن القضايا العادلة للشعوب، ولو كان المُمارس ضدهم هذا الأبارتهايد البغيض من غير الشعب الفلسطيني أو من غير الشعب العربي لأقامت كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "الأعضاء في اللجنة الرباعية الدولية للسلام" الدنيا ولم تقعدها، ولو قام بهذا الفعل الشنيع دولة أو مجموعة أو حزب لتنادت تلك الجهات إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لاتخاذ ما يلزم من إجراءات عقابية وتحت الفصل السابع، ولعد الفاعل إرهابيًّا يجب إدراجه في ما يسمى القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.


لكن حين يكون الفاعل كيان الاحتلال الصهيوني فإن الجميع يجب أن يلزم الصمت، ويعلن نفاقه وتأييده حتى لو كانتجريمة حرب وإبادة جماعية، لكون الفاعل فوق القانون.


اليوم وعلى وقع الحديث عن استئناف المفاوضات الثلاثاء القادم في واشنطن، وتحت تأثير سكرات الضربات الموضعية وعمليات الاختراق لجون كيري وزير الخارجية الأميركي في جولته السادسة، يمضي كيان الاحتلال الصهيوني في ارتكاب نكبة جديدة ضد الشعب الفلسطيني واقتلاع ما يزيد على 40 ألف فلسطيني من أرضهم في منطقة النقب، في إطار مخططه القذر وأحلامه التلمودية بما يسمى "يهودية الدولة"، مستغلًّا الواقع العربي والفلسطيني المتردي، في تهويد المزيد من أرض فلسطين بقصد حشر الفلسطينيين في كانتونات ضيقة، وتجريدهم من كل حقوقهم من أرض يستصلحونها للزراعة وللبناء عليها، وبناء أسر تتمكن من العيش والتكاثر.


إن هذه النكبة الجديدة بقدر ما ترتبه من مسؤوليات أخلاقية على الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها الذي بات لا يعرف قضايا إلا القضايا التي تناسب هوى القوى الامبريالية الاستعمارية والمخططات والمشاريع التدميرية، أو بالأحرى القضايا المسيسة، وكذلك على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بقدر ما تفضح هذا المثلث (الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) وتؤكد اتباعه سياسة الكيل بمكيالين وعدم نزاهته، وأنه مسكنون بالنفاق والانحياز الأعمى تجاه كيان الاحتلال الصهيوني والدفاع عن انتهاكاته وممارساته الإرهابية وجرائم حربه.

وما القرار الأخير للاتحاد الأوروبي بإدراج حزب الله في ما يسمى القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية إلا أحد البراهين على ذلك، في حين يفترض من يقدم نفسه على أنه راعٍ لعملية السلام أو طرف فيها أن يكون نزيهًا لا منافقًا. كما أن هذه النكبة تكشف بصورة أو أخرى حقيقة جهود كيري لاستئناف المفاوضات وسباق الزمن لاستغلال التحولات والاضطرابات في بعض الدول العربية الفاعلة والمؤثرة، بما يخدم المخطط الصهيوني نحو تصفية القضية الفلسطينية وإقامة "كيان يهودي احتلالي" خالص من أي هوية عربية أو فلسطينية.


لا ندري ما الخطوات التي يجب أن تقدم عليها نافي بيلاي مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لتبديد حالة الفزع التي قالت إنها انتابتها، هل تطالب بإدانة كيان الاحتلال الصهيوني وإدراج جيشه الإرهابي في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، أم تطالب بفرض عقوبات اقتصادية عليه تحت الفصل السابع، أو فرض منطقة حظر جوي لإنقاذ أكثر من 40 ألف فلسطيني من التهجير القسري والانتهاكات الإنسانية؟
 

Email